أخيراً ينفرج الباب قليلاً لمطلب قديم متجدد بتعديل قانوني العقوبات في الضفة وغزة (الأردني، والمصري) ليكون حساساً وعادلاً لمطالب الحركة النسوية والمؤسسات الحقوقية والأهم ليحافظ على أكثر الحقوق قداسة الحق في الحياة.
يأتي هذا التعديل المؤقت في ظل الضغط المتصاعد في الآونة الأخيرة لتعديل القانون بشكل كامل وضرورة أن يرقى بسقوفه العليا للمواثيق الدولية وحقوق الإنسان.
العام 2010 لون بكم هائل من الدم فجرائم قتل النساء وصلت يوم إلى ست حالات كما تشير إحصاءات مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي.
مؤشر الخطر يضرب أقصى حدوده ولا يبدو البيان الاستنكاري كافياً لمواجهه هذا العنف المتصاعد والواضح بلا أي لبس أن الجرائم قائمة على أساس تميزي ضد النساء، فجميع المقتولات تم تنفيذ الجريمة بحقّهن من قبل أزواج وإخوة ذكور قاموا بتسليم أنفسهم بكل بساطة لأجهزة الشرطة والتهمة جاهزة (القتل بإدعاء المحافظة على الشرف وغسل العار) ولكن تتكشف القضايا بعد فترة من الزمن لتبين أن أسباب القتل لا علاقة لها أبداً بسلوك النساء بل هو الاستسهال والاستفادة من مواد القانون الصريحة بهذا الشأن كما تشير المادة 340 حيث "يستفيد من العذر المحل من فاجأ زوجته أو إحدى محارمه في حال التلبس بالزنا مع شخص آخر وأقدم على قتلهما أو جرحهما أو إيذائهما كليهما أو إحداهما. يستفيد مرتكب القتل أو الجرح أو الإيذاء من العذر المخفف إذا فاجأ زوجه أو إحدى أصوله أو فروعه أو أخواته مع آخر على فراش غير مشروع".
وهو نصٌ عولجت به عشرات القضايا التي قتلت بها النساء مع أن المادة تنص صراحة على شرط التلبس والمفاجأة من قبل القاتل ولكن لم يؤخذ كثيراً بهذا الشرط في حيثيات حالات القتل بل في الكثير من الحالات تبين أن القتل كان مخططاَ له ومدروساً كما حدث عندما قام أشقاء فتاة بإجبارها على تناول السم وقامت إحدى نساء العائلة بتقديمه لها مع كوب الشاي.
ولا تقل المادة 98 من نفس القانون في خطورتها وتأكيدها في فتح باب يستفيد منه القتلة في قانون وضع بالأساس من أجل أن يحمي المجتمع ويراعي عاداته وأعرافه ولكن تحولت المادة لتصبح تصريحاً واضحً ورخصة بالقتل، فلا يعقل أن تخفف العقوبة على القاتل مشترطة تأثير الغضب الشديد عليه وهو أمر ذو جدل فالغضب هنا يفسر بطرق مختلفة.
في الطريق لإصدار مرسوم رئاسي في ظل غياب التشريعي
تشير سريدا عبد حسين مديرة وحدة التوثيق والمناصرة من مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي إلى أن باحثات المركز قمّن برصد وتسجيل ست حالات قتل لنساء وفتيات خلال الشهر الأول من هذا العام، هذا العدد الكبير من حالات القتل يثير الاستهجان والاستنكار، مثلما يثير التساؤل والقلق حول اتساع وانتشار هذه الظاهرة. مقارنةً مع العام 2009، حيث رصد المركز ووثق (13) حالة قتل (9) منها في الضفة الغربية و(4) في قطاع غزة.
تزامناً مع حالة القلق الواسع ناقشت جلسة مجلس الوزراء الفلسطيني بداية الأسبوع الحالي هذه الحالة ورفعت مذكرة للرئيس تطالب فيها بتعليق العمل بالمواد المتعلقة بالعذر المحل والمخفف في قانوني العقوبات السارية في شطري الوطن بشأن الجرائم الواقعة على خلفية ما يسمى "بشرف العائلة"، وإرجاعها إلى الأصل العام، واعتبارها جريمة قتل عادية، لأنه لا يجوز أخذ القانون باليد ولا القتل على شبهة، والأخذ بمبدأ المساواة والعدالة في الجريمة ليتوافق والقانون الأساسي الفلسطيني ووثيقة الاستقلال الفلسطينية والتزام السلطة الوطنية الفلسطينية بالمواثيق والمعاهدات الدولية.
أمر تلقته المؤسسات النسوية والحقوقية بترحاب متمنية أن يقوم المرسوم الرئاسي بإلغاء المواد بشكل كامل وأن تدرس جميع النصوص القانونية سواء المباشرة أو المتضمنة في النص مثل المادة 62- والمعنونة بعنوان الأفعال التي يجيزها القانون حيث لا يعد الفعل الذي يجيزه القانون جريمة مثل ضروب التأديب التي ينزلها بالأولاد آباؤهم على نحو ما يبيحه العرف العام.
أمر يثير حفيظة الجميع ويتعارض نصا وصراحة مع حق الطفل سواء في قانون الطفل الفلسطيني أو اتفاقية حقوق الطفل الدولية.
المستشار القانوني لمؤسسة الحق ناصر الريس يعلق على قرار مجلس الوزراء بالترحيب الأولي ولكنه يطالب أن يسارع بإصدار المرسوم وان يكون الأمر واضحاً بإلغاء المواد وليس تعليق العمل فيها فالتعليق يحمل صفة المؤقت وهو عرضة للعودة مرة أخرى، ويرى أن الوقت قد أن وبشكل كامل لتعديل جذري لقانون العقوبات بروح عصرية وعادلة.
كانت صرخة المؤسسات النسوية جاءت مدوية هذه المرة تطالب بحل سريع وبإلغاء كامل لجميع المواد المنصوص عليها في قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960 المطبق في الضفة الغربية المتعلقة بمنح الجناة رخصة قانونية لقتل الإناث، واعتبار أن القتل هو جريمة يعاقب عليها القانون ليأخذ القضاء الفلسطيني دوره في نشر العدالة الإنسانية ومعاقبة القتلة والمجرمين، لتعزيز عملية الردع لكل من تسول له نفسه بارتكاب جرائم القتل دون خوف من حساب أو عقاب. فحماية الإناث من العنف والقتل هي مسؤولية وطنية تقع على عاتق السلطة الوطنية الفلسطينية، وأجهزتها وهيئاتها المختلفة. وكل الهيئات والمؤسسات الاجتماعية. وجاءت المطالب محددة هذه المرة في بيان مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي في ظل الغياب الحالي للمجلس التشريعي، حيث طالب في بيانه الصادر بتاريخ 13/2 من الشهر الجاري بإصدار مرسوم رئاسي يحرم قتل الإناث ويؤكد على أن القتل هو جريمة يعاقب عليها القانون. منوهاً إلى ضرورة محاكمة جميع من قاموا بقتل إناث وتقديمهم للعدالة وإنزال أشد العقوبات عليهم لوقف هذه الظاهرة.ومطالباً المؤسسات الحكومية والمؤسسات الأهلية أخذ دورها في هذا المجال لوقف هذه الظاهرة.
البرلمان التشريعي معطل والعنف متصاعد
وإن كان الجدل لا زال دائراً في أروقة المؤسسات بضرورة أن تأخذ الأمور شكلها الدستوري بمرور قانون العقوبات على المجلس التشريعي ليأخذ حصته من الجدل ولتمرير الأمور بشكل شفاف أي دون تداخل في صلاحيات السلطات الثلاث، ولكن بالمقابل كما تقول هبة العاجز مسؤولة برنامج الإرشاد النفسي في جمعية المرأة العاملة وبصفتها الحاضنة الآن لمنتدى مناهضة العنف ضد المرأة: "نعم نحن مع تعليق المواد ولكننا كمنتدى رؤيتنا واضحة بضرورة تأسيس فضاء للعمل الدستوري وصياغة القوانين ضمن شكلها الطبيعي وعدم تجاوز صلاحيات البرلمان، لكن الحالة المتفجرة للعنف تستدعي تدخل سريع نراه الآن بمرسوم رئاسي فلقد وثقنا منذ بداية العام وحتى اللحظة 53 حالة عنف شديد بعض هذه الحالات تسبب له عاهات دائمة وخمس حالات اعتداء جنسي على نساء وهو أمر من الصعب الصمت عليه إذن ربما يقدم المرسوم الرئاسي حلاً".
موضوع: نقلا عن الكاتبة امل جمعة !! تعديل قانون الععقوبات الاردنى المطبق فى الضفة .. وتحديدا اعتبار القتل بدافع الشرف من الاعذار المعفية من العقاب 
