اكتم أنفاسك ... لاتصرخ
إلى كل أم يتقطر قلبها ألما وحزنا على أطفالها ..
إلى كل أم في عمق أمومتها وفي لحظات إحساسها بأطفالها وإرضاعهم الحب والعطف والحنان………..
إلى أم فارس في ليله أن كتم أنفاسه لئلا يصرخ ………
تقوقع فارس في زاوية الغرفة وأجهش بالبكاء صمتا،، غسلت دموعه خديه ومسحت قاذورات يديه حتى احمرت عينيه ... انتحب اكثر فاكثر فتلك العصا قد مارست معه ألوانا وألوان من الاحتضان حتى لم يبقى في جسده النحيل مساحة لم تحضنها عصا أمه…
اقتربت خطوات أخيه فراس نحوه ضمته يديه الصغيرتين وقال له:
لا تبك .. أنا احبك يا فارس ..لا تبك كف عن البكاء كف وهيا لدي حكاية جميلة رواها لنا المعلم اليوم سأرويها لك واريد أيضا أن اريك شيئا سيعجبك ..
صرخ صامتا في عمق وجهه حين حرك شفتيه ولا زالت يديه تغتسل في نهر دموعه وتحترق وجنتيه ألما من حرارة دموعه قال :-
لكن ماما لا تحبني ….ماما لا تحبني .. فهي تضربني كثيرا .. تضربني دائما ثم لا تريدني أن ابكي.. دائما تقول لي اكتم أنفاسك لا تصرخ .. أرأيت يا فراس كيف ضربتني اليوم أن جسدي يؤلمني….
اكتم أنفاسك ………... لا تصرخ……
عبارة ترددها دوما راوية على مسامع صغارها بل ولا زالت حتى حفرت لها جذورا في قاع نفوسهم الصغيرة البريئة لتتسلل من أعماق خوفهم حين يكون الضرب عقابا لهم لحظات يمارسون الشقاوة ... استخدمت معهم الضرب كوسيلة وحيدة تعاملهم بها وعلمتهم نصيحة حيــن العــقاب ( اكتم أنفاسك … لا تصرخ ) وليس من وسيلة أمامهم لكتم الأنفاس خوفا من أمهم إلا وضع أيديهم على أفواههم والتزام الصمت أو البكاء بغير صوت …………
مسح فراس دموع أخيه وابتسم في وجهه وسحبه من داخل حزنه وبكاءه إلى حيث يطلعه على الشيء الذي حدثه عنه صغيرا و. اخرج من جعبة حقيبته المدرسية دبا أهداه إياه قائلاً :
فارس هذه الهدية لك كنت قد نلتها لأنني اُخترت تلميذا نشيطا ومجتهدا في الصف ثم قال له : لا تحزن يا فارس … فأنا احبك .. احبك كثيرا…. اسمع ماذا روى لنا المعلم اليوم : وراح يروي له القصة التي رواها لهم المعلم في المدرسة.
سرح فارس بخياله الصغير يستعيد منظر العصا وهي تتفقد أنحاء جسده النحيل ولازالت مسحة الحزن تكتسيه وعينيه محمرتين وقبل أن ينهي فـــــــراس قصته فاجأه فــــارس بسؤال :
فراس لماذا ماما دائما تضربنا ؟؟؟؟؟؟
وحين لم يجد فراس لسؤال أخيه إجابة تابع سرد قصته دون أن يجيبه وتغافل طرح السؤال حتى لم يجد فارس بد من الانتباه لأحداث قصة أخيه والتقط خيطها وراح يعيش أحداثها في خياله حتى أبتسم.. أبتسم أكثر وقبل أن يـــطلق ضحكته الطفوليــة تذكر أمه وهى تقول : أكتم أنفاسك … لا تصرخ…. خشي أن تكون هذه النصيحة للبكاء وللضحك أيضا سارع بوضع يده على فمه وكتم ضحكة كادت تفلت منه شيئا فشئ زال حزنه وعاد يعيش حياته من جديد مع أخيــه فــــــراس وتناسى أمر بكاءه والعصا حتى شقاوة أخرى لم يتحدد موعدها بعد ……….....
حتى جاء ذلك اليوم الذي غاب فيه فارس عن الأنظار تفقده أخيه فراس في غرفته وفى أنحاء المنزل لم يجد له أثر...كان فارس قد مارس شقاوته مرة أخرى عندما اعتلى صهوة جدار في منزلهم وسقط من أعلاه أرضا ولم يعلم بأمره أحد وحين ساورته نفسه في الصراخ دوى صوت أمه في أذنيه وهى تحذره قائلة:
لا تصرخ ……أكتم أنفاسك .... أكتم أنفاسك …………لا تصرخ ،، وظل فارس يكتم أنفاسه لئلا يصرخ ولم يصرخ خوفا من عصا أمه التي تتلذذ في ملامسة جسده الصغير …………
أكتم أنفاسك ………. لا تصرخ ... أكتم أنفاسك ……… لا تصرخ
لا يزال الصوت يدوي في رأسه وكتم أنفاسه وظل يكتم أنفاسه حتى وجد ميتا ويده الصغيرة على فمه يكتم أنفاسه لئلا يصرخ ……..
تحـــ/ــياتـــ/ــي