إذا لم يحن أمرٌ فسوف يحينُ
وكلُّ قويٍ للزمانِ يلينُ
أيا قلبُ قد تهوى الحياةَ حزينةً
ويطربك الشادي وأنتَ حزينُ
تمرُّ بنا الأيام والغيبُ دونها
وخالقُنا أدرى بما سيكونُ
وكم طائرٍ غنّى على الأيكِ فرحةً
ومالتْ على التغريد منه غصونُ
إذا ما شدا أصغى الزمانُ لشدوه
وفتَّح وردُ الروض والنِّسرينُ
غدا ذاتَ يومٍ للجراح فريسةً
وما صانه شدوٌ ولا تلحينُ
ألا أيها الشادي وكلُّك لوعةٌ
أتطربنا والقلبُ منكَ شَجونُ؟
بقلبيَ هذا الشدو حين تبثُّه
وفي قلبك الشاكي أسىً وأنينُ
عزاؤكَ إن لم تحظَ يوماً ببسمةٍ
وآذاك حسَّادٌ وخان قرينُ
عزاؤك في الشدو الذي أنتَ صُغتَه
وإنْ غرقتْ بالدمع جفونُ
يشوقك تغريدُ العصافيرِ والدجى
هزيلٌ طريدٌ، والصباحُ جنينُ
وللطلِّ في نجوى الزُّهور تفنُّنٌ
كذلك أحلامُ المحبِّ فنونُ
يروقك لونُ الورد، يُغريك عطره
فقلبك في كفِّ الجمالِ سجينُ
أيا قلبُ أحداثُ الحياةِ أليمةٌ
ودنياك حَيْرَى، والهناءُ خؤونُ
أراك تردُّ الطَّرفَ تطلبُ سالفاً
وفيكَ لماضي المسلمين حنينُ
أتعشق في وجه الحبيب ملاحةً
وتطمع في النجوى، وأنت ضنينُ
وتهفو إلى نومٍ وتنسى بأنه
سيُولدُ من أقصى المتاعبِ لينُ؟
وربَّ فصيحٍ مجدُه في لسانه
إذا عنَّ أمرٌ لا يكادُ يبينُ
وربَّ نقيِّ النفس مكتملِ الحجا
يُحيطُ به الحسَّادُ حيث يكونُ
يظلّوُن في كيدٍ له وعداوةٍ
لينتقصوا من أمره ويُهينوا
وكم صاحبٍ يُبدي لك الودَّ والرِّضا
وفي قلبه حقدٌ عليك دفينُ !
على وجهه تبدو علاماتِ حقده
وكلُّ خفيٍّ في الحياةِ يَبينُ
وما كلُّ من يُبدي لك الودَّ صادقٌ
وما كلُّ من يُبدي الجفاءَ يخونُ !
وما الناسُ إلا كالمعادن، بعضُها
خبيثٌ، وبعضٌ طيِّبٌّ وثمينُ
وكم رافعٍ رأساً وفي الوحل رجلُه
كذلك أمر الحاقدين جنونُ
وكم قاتلٍ والسيفُ في كفِّ غيره
وكم باذلٍ والقلب منه ضنينُ
ورُبَّ فتى يسعى إلى كل زلَّةٍ
ويحبو إلى الخيراتِ وهو حزينُ
تراءى له العيش الجميل فغرَّه
وقد تخدَع الدنيا فتى فيهونُ
أقول له: أسرفتَ في فعل منكرٍ
وجاوزتَ حدَّ الله يا مسكينُ
بذلْتُ له نصحي، وقلتُ: له اعتمدْ
على خالقٍ يُعطي الفتى ويصونُ
بتدبيره تمضي الأمورُ وإنما
يقول لشيءٍ كُنْ كذا فيكونُ
أيُنسى وفي الدنيا دلائل ملكه
فذلك كفرٌ بالكتاب مبينُ
إذا غصَّ قلبٌ بالمعاصي فإنها
ستقتل فيه العزمَ ثم تَرينُ
وإنْ بَطَرَ الإنسانُ يوماً بنعمة
فأموالُه فقرٌ له وديونُ
إذا لم يردَّ المرءَ عن فعل منكرٍ
حياءٌ، ولم يردعْه عنه يقينُ
فقد ضاع حتى لو بدا منه مظهرٌ
جميلٌ، ولو تاقتْ إليه عيونُ
يردُّ يدي عن بطشها خوفُ ربها
ويمنع نفسي أنْ تخادع دينُ
وما العزُّ إلا في التورُّع والتُّقى
وإنْ قلَّ مالٌ أو جفاك معينُ
بني أمتي، في كلِّ يومٍ لنا فمٌ
يقول، ولكنَّ الفعالَ تَشينُ
علامَ يدوسُ المعتدون ركابَنا
ونحن بنهج المعتدين ندينُ؟
أيُرفَعُ رأسُ المارقين عن الهدى
ورأسُ الدعاةِ المصلحين طَمينُ؟
أيُحسمُ أمرُ الأقوياءِ بساعةٍ
وتمضي على أمر الضِّعافِ سنينُ
إذا أسلم الإنسانُ لله أمرَه
فكلُّ مصابٍ في الحياةِ يهونُ