كنت في رحم امي ...ذلك المكان الذي لم اجد فيه أي شيئاً يواسي وحدتي ...
المكان الذي لم أرى فيه الضوء ولم أجد فيه الهواء النقي ...
فكل ما كنت اعيشه فقط ذلك الظلام الدامس وتلك الاصوات التي كنت أسمعها وأطرب بألحانها ...
تلك الاصوات الغريبة التي كانت تصرخ وتقول :متى ستخرج ؟
متى تخرج الينا ...سمعت هذه الجمل مراراً وتكراراً ولكن لم اكن ادرك معناها ...
متى ستخرج الينا!!!..
.ففي يوم دافئ وهواء عليل وشمس ساطعة تجوب السماء ...
سمعت أصواتاً غريبة ورأيت أُناس حولي يرتدون الثياب البيضاء وفي ايديهم قفازات طبية ايضاً لونها بيضاء ...
سألت نفسي اين انا من هذا العالم وما هو ذلك المكان الذي أنا فيه..؟؟
سمعت بكاءً ونواحاً وأنيناً اشبه بصوت انسان يجلس ع كرسي موته ...
انتظرت طويلاً ومللت الانتظار ..
.فالجميع من حولي ينطقون بكلمة اخرج ...
هيا اخرج... تعب سمعي من هذه الترانيم ومن تلك الاصوات ...
فقررت الخروج قبل موعدي من ذلك الكهف ومن تلك الظلمة ...
وحتى تتوقف هذه الالحان عن خروجها ...
وكي اريح بصري الذي لم يتوقف من النظر هنا وهناك ...
فعند خروجي هبت الرياح وتراقصت ع النوافذ ...
واختفى ضوء الشمس وأصبح الجو بارداً ...
فوجدت نفسي بين وجوهٍ غير مألوفة لي وتقاسيم وجوههم توحي بأنهم غير سعداء بخروجي من ظلمتي ...
فقد كنت بين كفين مبتلين بالون الاحمر ...
وبعدها تلقتني كفين باردتين لا أدري لمن تلك الكفين ..
.فنظرت الى صاحبها فوجدت بعض ملامحه في وجهي ...
فأدركت بأنها أمي التي كنت في رحمها المظلم ..
.واحتقرت نفسي من تلك الحظة الي مالا نهاية ..
.وقلت لنفسي لو اني لم اخرج لكانت وجوههم اكثر نضارتاً وتملؤها البسمة ...
ولو اني لم اخرج لما تغير ذلك اليوم وانقلب رأساً ع عقب ...ولو أني لم أخرج لما نظرت الي أُمي نظرتاً فيها كومة من الخوف والحقد وبعض الكره وفيها ذرة من الحب ...
فيا ليتني لم أخرج من ذلك الكهف وبقيت وحيدتاً أُداعب الظلام ...
يا ليتني لم اخرج ...
يا ليتني لم اخرج...