قَبْلَ ما يَرْبُو على ستّينَ عامْ
كُنتُ إِذْ ذاكَ بأرضي واقفَة
أنْشُرُ الفيْءَ ليرْتاحَ المُسافِرْ
آمِناً
كالضَّيفِ في دارِ الكِرامْ
مُطمئِنًّا في ظِلالي الوارِفَة
قَبْلَ ما يَرْبُو على ستّينَ عامْ
كُنتُ للأطفالِ أُمّا
حوْلَهم تلْتفُّ أغْصانِي
لتُعطِي الحُبَّ جَمّا
أنثُرُ الأوراقَ حولي
كيْ ينامُوا
مثلمَا نامُوا بحِضْنِ الأُمِّ دَوْما
قَبْلَ ما يَرْبُو على ستّينَ عامْ
حلَّت البلْوى بأرضِي
داهَمَتْها في صباحٍ
بعضُ أسرابِ الجرادِ
أمْعنَتْ في الأرضِ ظُلماً للعبادِ
واستحرَّ الموتُ في طولٍ وعَرْضِ
مُنْذُ ما يَرْبُو على ستّينَ عامْ
وعِداتي
يتسلَّون بتقطيعِ غُصُوني
يُضرِمونَ النارَ في جِسْمي
لتَخبُوْ نارُ حِقْدِهِمُ الدَّفينِ
يمنَعونَ الماءَ كيْ أغدُو
كجِذْعٍ في الفَلاةِ
غيرَ أنِّي
مُنْذُ ما يَرْبُو على ستّينَ عامْ
لم أزَلْ أغرِسُ في الأرضِ جُذُورِي
كيْ ترى الأشْجارُ مِنْ حَوْلي
بأنَّ الخيرَ يبْقَى رَغْم آلافِ الشُّرورِ
كيْ تُمَنِّي النفْسَ أن تبْقَى طويلاً
بعدَ أنْ تمضي رِياحُ العاصِفَة
إنَّنِي منْ أجْلِ هذا
لمْ أزَلْ
مُنْذُ ما يَرْبُو على ستّينَ عامْ
رَغْمَ أحْزانِي بِأرْضِي واقِفَة