تقطر الشمعة، قطرة إثر قطرة، دمعة إثر دمعة، وأفقاً لأطفالٍ يقيمون في الرجاء.
من يضيء ليل غزة؟ من يقطع رأس السواد بكلمة من نور، كلمة بحجم الغضب، كلمة لا تكون مرثية جديدة أو مقدمة لليل أطول، كلمة تفتح القلب على سهول المستقبل ولا يكون البكاء اسمها؟ شبعت غزة من الدموع وتقول: لا نريد بحراً من الدماء وأكفاناً للذين لم يولدوا بعد.
نهبت الريح رئة الأمل وسرقت الأيام من التاريخ أمجاده وسيوف أبطاله في زمن القنابل الذكية والجنود المدججين بالغباء. لا نريد قمراً من الخطب، ولا شمساً من الشجب والاستنكار، هكذا تكتب غزة بدموعها رسالة إلى أحبائها من المحيط إلى الخليج. نريد خبزاً وثياباً جديدة لعيد غزة المؤجل.
البرد يدخل في عظامهم، البرد الذي يأتي من الجهات الألف ولا يعرف الرحمة وهم واقفون في عين العاصفة.
الضوء والدفء عنوانان للكرامة في هذه اللحظة.
وهي لأنها غزة تشكل قنديل بقائها من جمرة الأسطورة، وتضيء ذاكرتنا التي أعطبها الخذلان، لعل وعسى أن يكون لنا في القيامة بقية من رجاء.
العالم شاهد أبكم لا يسمع نحيب الصغار، لخوفهم من الظلام الدامس ومن ضباعه التي سكنت مخيلتهم بدلاً من أن تسكنها ألوان قوس قزح وشكل الطائرة الورقية التي تحمل أحلام الأطفال الى خيال السحب وسماء الفرح. العالم شاهد أخرس، يرطن بكل اللغات الحية والمنقرضة، ولكنه يعجز عن قول الحقيقة. العالم شاهد ميت وغزة شاهد حيّ فالبكاء وإن من مرارة وألم فهو علامة على انسانية باقية وعلى نبض لن يتوقف.