حنان الابوين
تعتبر ملاطفة الأم لطفلها حاجة نفسية تشعر الطفل بالأمان والاستقرار النفسي. فعندما تداعب الأم شعر طفلها يبدو باسم الثغر وكأنه يرى أحلاماً جميلة،فيشعر بالاسترخاء وأحياناً كثيرة يغفو. وما هذه الصورة سوى انعكاس لإحساسه بالطمأنينة والسلامالداخلي اللذين منحتهما ملاطفة أمه.
وفي المقابل يستعيض الطفل أحيانًا عن غياب لمسة الحنان بشيء ما كال «بيلوش »، وهو
الأكثر شيوعًا بين الأطفال ليتخلص من القلق الذي يشعر به أثناء غياب والدته.
الأمهات يسألن الاختصاصيين عن سر لمسة الحنان هذه وتأثيرها في نفوس أطفالهن.
وهل تعلق الطفل بدميته مؤشر لشعور بنقص عاطفي؟
بماذا تفيد هذه الإشارات العاطفية؟
تعتبر فترة لمسات الحنان التي تمنحها الأم لطفلها الوقت الذي تمنحه خلاله الحب
والشعور بالثقة بالنفس، فتزوّد الطفل القوة والطاقة الضروريتين لمواجهة التوتر الذي
حصل معه خلال النهار، كما تساعده في مواجهة صعوبات الحياة بشكل عام. ولمسة
الحنان الأولى يتعرف إليها الطفل في الشهور الأولى من ولادته عندما تحضنه والدته وتحمله
أينما تنقلت في المنزل ، ناقلة إليه في الوقت نفسه رسالة صامتة تقول: «أحبك كثيراً
وأحميك ولن أسمح بأن يصيبك مكروه ».
وبعد ذلك تذكر ملاطفة الأم الطفل بتلك المرحلة التي كان فيها رضيعاً وقريباً جداً من والدته مما
يشعره بالاسترخاء، وهذا يفسر شعوره بالنعاس والنوم بشكل عميق عندما تداعب والدته شعره
عندما تحين ساعة النوم.
متى تكون لمسة الحنان مفيدة؟
لمسة الحنان المفيدة هي التي تقوم بها أم أو أب مرتاحان وقادران على التخلي عن كل ما
يوترهما أثناء الوجود مع طفلهما وأن يكونا حاضرين للاستماع إليه. إذ لا يكفي أن تقوم
الأم بملاطفة طفلها ورأسها مشغول بأمور عدة، مما يشعر الطفل بأن والدته تسايره كي
ينام فقط، بمعنى آخر أنها تحاول التخلص منه بأي وسيلة.
هل يحوز كل الأطفال الشعور الإيجابي نفسه؟
يعتمد هذا على سن الطفل. فالطفل ما دون السنتين يحتاج إلى ملاطفة والديه لأنه لا
يعرف كيف يعبر عن مشاعره بالكلمات. وتعتبر الملاطفة بالنسبة إليه وسيلة ممتازة للتواصل
وللتعبير عن مشاعره في غياب قدرته على الكلام.
ولاحقاً عندما يصبح في السادسة أو السابعة تعبر الملاطفة عن نفسها بطريقة
أكثر رمزية وتظهر في شكل متبادل أي بين الطفل ووالدته، فمثلاً نجد الكثير من الأطفال
يداعبون شعر أمهاتهم أثناء محاولتهم النوم، ويكون هذا بمثابة تبادل الثقة والاسترخاء.
هل عدم ملاطفة الطفل يؤثر سلباً فيه؟
ليس بالضرورة. فالأساس أن تكون الأم حاضرة في عالم طفلها وتحافظ على
وجودها بالقرب منه. والأم التي تشعر بالتوتر لديها طريقة في التعبير عن حنانها
بطريقة اتصال أقل توتر. فمن خلال لعبة أو كتاب يمكنها أن تعبر عن حنانها بالكلمات.
والطفل ينجذب إلى الشخص الذي يقرأ له كتابًا أو يلعب معه، وقد يكون والده أو خالته أو جدته.
من الملاحظ تعلّق الطفل بدميته، فهل هذا مؤشر لنقص عاطفي؟
غالبًا ما يتعلّق الطفل بشيء مألوف يشكّل له روابط خاصة به. فمثلا نجده يصر على
تغطيته بملاءة معيّنة، أو يمسك دائمًا بفوطة ذات نوعية قماش معينة، أو لعبة «بيلوش ...»
ويسم هذا الغرض في علم النفس شيء انتقالي، ف «البيلوش » لديه قيمة رمزية وهي الاتحاد مع
الأم. ووجود «البيلوش » الدائم مع الطفل يساعده في تحمل ابتعادها عنه.
ماذا يفيد هذا الغرض التحوّلي؟
عند بلوغ الطفل شهره الثامن يبدأ بإدراك معنى
ابتعاد والديه عنه. وبحسب الاختصاصيين يستعمل الطفل «البيلوش » كدفاع عن نفسه من القلق
الذي يشعر به أثناء هذا الغياب. كما أن هذا الغرض الانتقالي يشعره بالمواساة حين تبتعد أمه عنه في أوقات معيّنة. مثلا أثناء نومه أو حين يجد نفسه في مواجهة المجهول كزيارة الطبيب أو أثناء مرضه، أو عند ذهابه إلى الحضانة، وخلال هذه الفترات يكون هذا الغرض الانتقالي تجربة مبكرة غير متنازع عليها لأنها تكون ضمن إطار الوهم وبالتالي تساعده في مواجهة تجارب عدة، وبالتالي تساعده في نموّه العاطفي.
هل يجب إجبار الطفل على التخلي عن «البيلوش » في سن معيّنة؟
بحسب السواد الأعظم من اختصاصيي علم نفس الطفل من غير المجدي إجبار الطفل على التخلي عن غرضه المحبب إليه مادام في حاجة إليه. فالتخلي عنه يجب أن يكون مبادرة شخصية
من الطفل نفسه. ولكن بدءا من سن السنة أو السنة ونصف السنة يبدأ الطفل بالتخلي عن لعبته.
وإذا أصر على الاحتفاظ بها يمكن الأم أن تسمح له بحضنها إذا كان يشعر بالحزن أو خلال النوم،
والأفضل أن يكون ذلك بناء على اتفاق بين الأم وطفلها. ويمكن الطفل الاحتفاظ باللعبة حتى سن
المراهقة إذا كان يرغب في ذلك، ولكن عليه أن يتخلّى عنها أثناء الجلوس إلى الطاولة، أو أثناء اللعب مع أقران له.
ويشير الاختصاصيون إلى أن الطفل يفقد الشعور بالأمان إذا فقد ال « بيلوش » لأنه يحل أحيانًا محل
أمه حين تغيب عنه، لذا على الأهل أن يوفروا بديلاً له يكون مثيلا له باللون والشكل والتفاصيل الصغيرة. وأحيانًا تحاول الأم غسل هذا «البيلوش » لأنه اتسخ كثيرا مما قد يغضب طفلها لأنه لا يستطيع التخلي عنه وإن لحظة. لذا يمكن الأم غسل «البيلوش » أثناء
نوم الطفل كي لا يكون بعيدًا عنه فترة طويلة.