٭ سعداء رغم شقائنا بالحياة ورغم ما ينتابنا من كدر يعكر صفونا بين الحين والآخر سعداء
بحياتنا وإن تضخمت في داخلنا المكدرات والمنغصات تتضخم لضعفنا في مواجهتها ولأننا لا
نمتص صدمتها لذلك نتذمّر ونمتعض ونقابل وجه الحياة الصّبوح بوجه عبوس وننسى أنّ كل ما
حولنا هو ملكنا ألسنا أحرارا؟ الحرّ بعقله المستنير أقوى وأسعد من السّجين بأفكاره الهدامة
وأوهامه السّوداء ولذلك فنحن أفضل حالا وأسعد بالا لنقولها بكل تفاؤل: إننا سعداء على
تفاوت واختلاف إذ ليس للأشياء منتهى ولا للأحلام نهاية ولا للأماني سماء فالمتفائل لو
اصطدم بسد منيع فسيتجاوزه ويقتحمه أما المتشائم فلو تعثر بحجرة صغيرة فإنه سيعود القهقرى
وسيتأزم أكثر وإحساسنا هو من يحدّد لنا الطريق الذي نختار والمؤمن يستضيء بنور الله وهو
ذاته نور العقل والهداية والتوفيق.
٭ سعداء رغم كل شيء ولو أنا تفكرنا من حولنا وألقينا نظرة على عالم الوجود لرأينا أن ما
فيه يدعو إلى التفاؤل فشروق الشمس يؤكد ميلاد يوم جديد وتفتح زهرة في الحقل الأخضر
أشبه بتفتح أبواب الخير والابتسامات في شفاه أطفالنا تحلق بنا إلى عوالم من الجمال والصّحة
والعافية التي ننعم بها هي ذاتها الحياة في فراديس الخلد والشباب الذي نعيشه يشعل فينا طاقة
الإبداع والتجدّد واصطفاق الموج وتغريد الطيور ورفرفة الفراشات كله نشيد حي وموسيقى
تأخذنا بنشوتها إلى أبعد مدى. ولم لا نكون سعداء والكون كله بموجوداته مسخر لخدمتنا
والتوفيق حليف كل متفائل لذلك تفائلوا بالأشياء تجدوها تفاؤلوا بالسّعادة والصّحة والنشاط
والحيوية فهي أعز ما يملك الإنسان وأثمن حصاد العمر.
٭ إن السّعادة لن تطرق أبوابنا ما لم نمهّد لها الطريق كي تتسلل إلى داخلنا وتسكن وجداننا
بحسّها الحميمي فنحن من يصنع السّعادة هي صناعة وجدانية وروحية نحن من يغرسها مثلما
نغرس شتلة الورد في الحقل ونحن من يغذيها بماء المشاعر مثلما تتغذى الوردة بالندى في
الصّباح الباكر وخطؤنا أننا نبحث عن السّعادة بين الكواكب وأعماق المجرات فيما هي ملقاة
على عتبات منازلنا ومستقرة بوداعة في جوانحنا هي معنا ومن حولنا تلوح من عيون أزواجنا
وأحبتنا وهي معنا في مواقع عملنا مع حيوية العمل والكسب الحلال وهي في صحونا تزحف
كعقربي السّاعة بلا توقف هي في نومنا تحرسنا من طوارق الليل فقط أن نصحو وننام على
ذكر الله حينها ستهبّ علينا نسائم السّعادة وستنطفئ الجحيم.
٭ كلّ يوم ونحن سعداء نستيقظ على أمل وتفاؤل بقلوب ملؤها المحبّة والرضا وندعو ألله أن
يفتح لنا أبواب حكمته وينشر علينا أثواب رحمته وما أن يتسلل دفء الحياة إلى أجسامنا
الباردة ونرى جمالها ببصرنا ونحسها ببصائرنا حتى يسري فينا الفرح والنشاط وأما كيف
نمحو الضيق فبواحدة من هذه أو كلها: تصفح كتابا أو مارس رياضة أو زاول عملا مفيدا أو
اشغل نفسك بما يصرف عنها الضيق والاكتراب ولا تأسف كثيرا على فرص أضعتها لأنها
ليست من نصيبك واطو صفحات الأمس لأنها انفلتت من عمرك حينها ستتلاشى الأوهام
الجاثمة على صدرك وستزفر سوادها من الأعماق حتى لا يبقى منها شيئا يبقى بياض قناعتك
أنك حتما سعيد رغم كل شيء وحتما أيضا أن الناجح في حياته سعيد جدا.
تعليق :-
سعداء رغم كل شئ ....رغم كل ما يحيط بنا من أسلاك شائكة تعرقل الخطى
وتغرس أسنانها الحادة في عروقنا لتشعل النزف في القلب وفي الفكر ....ورغم
ذلك سعداء لماذا؟ لأن هناك إيمانا متيقن بوعد المولى عزوجل ومؤمن بقضائه وقدره
هذة النقطة هي محور تسليمنا لكل ما يعترينا من منغصات حياتية....ومحاولة الجهد
منا لكسر الروتين وتغير العادات ....فقط لنقف في وجه هذا اليأس الذي ينشر أشرعته
كل حين وخصوصا في زماننا الحاضر المر.