ألقت أزمة انقطاع الكهرباء على قطاع غزة المحاصر بظلالها على مختلف جوانب الحياة هناك، الأمر الذي جعل الأهالي يبحثون عن بدائل أخرى لتسيير أمور حياتهم ومصالحهم اليومية، ووجد كثير من الناس ضالته في (المولدات الكهربائية)، وأخذوا يستخدمونها عشوياً وبصورة كبيرة في المناطق السكانية في غزة.
المولدات هذه لا مفر منها من ناحية أن الناس بحاجة ماسة إلى التيار الكهربائي لمواصلة العمل وتلبية الحاجات الأساسية، وفي الوقت نفسه فإن كثرة هذه المولدات بما ثبعثة من غازات سامة وملوثة، أصبحت تسبب مشكلة كبيرة وخطيرة على البيئة في غزة وعلى صحة الأهالي هناك، بالإضافة لكونها ظاهرة مزعجة للغاية بسبب الأصوات المرتفعة للمولدات التي تنتشر في أنحاء غزة كافة.
أضرار صحية مزمنة
أستاذ العلوم البيئية بالجامعة الإسلامية بغزة، الدكتور عبد الفتاح عبد ربه، أكد على أن الوقود المستخدم في تحريك هذه المولدات يحتوي على مادة الرصاص بشكل يفوق الحدود المعتمدة لدى منظمة الصحة العالمية، الأمر الذي يؤثر سلباً على الجهازين العصبي والتناسلي.
وأضاف عبد ربه: "مادة الرصاص من العناصر الثقيلة غير القابلة للتحلل في الطبيعة، وعند تحرره من مصادره المختلفة إلى البيئة فإنه يبقى في دورة ثابتة وهذا ما يجعله خطراً للغاية".
وأشار المختص بعلوم البيئة إلى أن الدراسات العلمية أكدت علاقة الرصاص بالكثير من الأمراض المزمنة، مثل ارتفاع ضغط الدم، فضلاً عن تأثيراته الخطيرة على الأطفال والمرضى الذين يعانون من نقص الحديد، كما أنه يؤثر سلباً على النباتات التي يتناولها الإنسان وبالتالي ينتقل الضرر إليه.
حرمان من النوم
الحاج أبو العبد (75 عاماً) يعاني من ضعف في عضلة القلب، تحدث لنا بضيق شديد عن تأثير المولدات على حياته، قائلاً: "حالتي الصحية تتطلب راحة دائمة، لكن الأصوات المزعجة التي تنبعث من المولدات الكهربائية، والتي يعد بيت يخلو منها، حرمتني النوم في الليل والراحة، خاصة في شهر رمضان حيث يضطر الناس لتشغيلها وقت السحور مما يضاعف المعاناة".
كما يشير الحاج إلى مشكلة الروائح الكريهة والخانقة التي تنبعث من المولدات وتشعره دائما بالاختناق وضيق التنفس، مؤكداً على أن لا حل لهذه المشكلة إلا بحل جذري لأزمة الكهرباء التي يرى أنها أزمة مفتعلة.
ضيق واختناق
أم محمد (42 عاماً) هي الأخرى لا تقل معاناتها عن من حولها من المرضى والأطفال وكبار السن، فهي تعاني من أزمة في التنفس منذ عامين، تقول : "الموالدات الكهربائية منتشرة في كل مكان، ومع ازدياد درجات الحرارة يضطر المواطنون والجيران تشغيلها في الليل، الأمر الذي يسبب لي اختناقاً شديداً، وضيقاً كبيراً في التنفس، ومعاناة يومية لا تنتهي".
وكانت بيئة قطاع غزة قد تعرضت لأكبر عملية تلويث في تاريخها حين ألقت القوات الصهيونية –خلال حربها الأخيرة على غزة- آلاف الأطنان من المواد الكيماوية المحرمة دولياً، والتي تحتوي على مواد مشعة، وكانت سبباً في تلوث البيئة في غزة، وقد بدأت تظهر آثار هذا التلوث الخطير من خلال ولادة أطفال مشوهين، وتفاقم أعداد المصابين بأمراض سرطانية