في يده الطرية رفرفت شهادة النجاح للمرة البكر... رف قلبه الصغير بملامسة طارئ شفيف... اهتزت أعماقه للفرح المعانق...ارتعش كعصفور بزخة ندى... عرش الأبتسام على وجهه الصباحي المؤتلق... أطلق قلبه ساقيه للفرح...
في الشرفة الفاغرة بابها نحو الفرح الآتي وقفت أمه تتبنى شعوراً طارئاً..تحبس في اعماقها حزمة من سرور في انتظار وصول صغيرها الوحيد... بدا لها من بعيد بوجهه المجلل بالفرح كقطعة من نهار ربيعي.....
عيناه الوادعتان تعانقان انشداه الشرفة...تتوهان في الأفق القاتم البعيد... تتعلقان بأمل محجب... فيما كانت نسمات رقاق تغازل الشهادة الوردية الراقصة بين انامله الناعمة المرتعشة....
ترسل الأم نظراتها المغموسة في الفرح جسراً ينتعله إلى قلبها المعشوب بأمل خصيب... تحفه عيناها بسياج مودة غامرة... تفتح قلبها على طفولته الغضة مظلة حب وارف... تحضنه من بعيد... ترقبه يعبر الطريق ببراءة عصفور... تفرش له قلبها جناحي حنان... ترش الأمكنة التي تتلمسها خطاه بخزامي الفرح وحناء الأمنيات العِذاب...
على بعد رعشة ذعر كانت خطواته الصغيرة المتسارعة تجتاز الرصيف على غير هدى... عجلات سيارة مجنونة تلسع الطريق بسياط عواء مسعور.... زوبعة.... ضجيج... صراخ.... أطراف تتطاير... دماء تتناثر على حواف شارع مترب... ازدحام مفجوع... صراخ في شرفة مواربة على فرح مغشوش... وقلب يسقط في غيابات الفجيعة.... فيما كانت النسمات الرطيبة تدفع امامها شهادة وردية مبللة بقطرات دم ندية.....!