1- سورة الفاتحة مكية وآياتها 7
سميت هذه السورة الكريمة بسورة الفاتحة لافتتاح الكتاب الكريم بها ، ولافتتاح القراءة بها في الصلوات، ولأنها كالأم بالنسبة لبقية السور الكريمة، وهي أول القرآن ترتيبا وليس نزولا، وهي على قصرها فقد لخصّت قصص الأمم السابقة كلها، وجمعت مقاصده الأساسية بالاجمال، وعلى ايجازها وقصرها فقد تناولت:
أصول الدين وفروعه، العقيدة الاسلامية، العبادة، التشريع، الايمان باليوم الآخر، الايمان بصفات الله تبارك وتعالى الحسنى، افراد الله تبارك تعالى بالألوهية والعبودية، الاستقامة بالله عزوجل، الدعاء، التوجه اليه سبحانه وتعالى بطلب الهداية الى طريق الحق والصراط المستقيم، التضرع الى الله تعالى بالتثبيت على الايمان ونهج نهج الصالحين، وفيها الاطلاع على معارج السعداء ودركات الأشقياء، وختمت بالابتهال الى الله تعالى بأن يجنبنا طريق المشركين والملحدين الكفرة.
انّ من تدبّر الفاتحة وتدبّر معانيها ومقاصدها لرأى غزارة معانيها وجمالها وروعة التناسب وجلالة المعاني التي تضيء جوانب القلب، فهي تبتدىء بكلمة الحمد لله ربّ العالمين الموصوف بالرحمن الرحيم ومالك يوم الدين... وملك يوم الحساب... مالك يوم القيامة...وملك دار الخلود... مالك دار المعاد وملك الملوك.
فلنتذكر ونحن نهيم في أودية جمال وروعة هذه السورة العظيمة ما يرويه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه تبارك وتعالى في الحديث القدسي الجليل: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل، فاذا قال: الحمد لله ربّ العالمين، قال الله عزوجل: حمدني عبدي... واذا قال: الرحمن الرحيم، قال الله: أثنى عليّ عبدي، ، فاذا قال: مالك يوم الدين، قال: مجدّني عبدي، فاذا قال: اياك نعبد واياك نستعين: قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فاذا قال: اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين، قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل.
انّ من أهداف هذه السورة العظيمة الوصل في تلاوتها الى الكمال بتلاوتها آية آية والوقوف على رأس الآيات كي نشعر بعظمة آياتها وكلماتها، لا كما يفعل الجهلة بقراءتها على نفس واحد أو نفسين، بل على مكث ورويّة وتمهل، بتدبّر وخشوع وتذلل لاستحضار عظمة الخالق سبحانه وتعالى.
فضلها:
هي أعظم سورة في القرآن الكريم اطلاقا... هي الفاتحة... أم الكتاب... السبع المثاني... الشافية... الوافية... الكافية... الأساس... وهي الحمد لله رب العالمين.
عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: قرأ النبي صلى الله عليه وسلم أم القرآن، فقال: والذي نفسي بيده ما أنزل في التوراة ولا في الانجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها، وهي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته.
وهذا الحديث الشريف يشير الى قوله تبارك وتعالى في سورة الحجر 87:
ولقد أوتيت السبع المثاني والقرآن العظيم
وعن أبي سعيد بن المعلى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأعلمنّك سورة هي أعظم السور في القرآن قبل أن تخرج من المسجد، الحمد لله ربّ العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده جبريل عليهالسلام، اذ سمع نقيضا فوقه، فرفع جبريل بصره الى السماء فقال: هذا باب فتح من السماء ما فتح قط، فنزل منه ملك، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أبشر بنورين قد أوتيتهما لم يؤتهما نبيّ قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لم تقرأ حرفا منها الا أوتيته.
معنى البسملة : بسم الله الرحمن الرحيم
أي بسم الله العظيم أبدأ ، والمشروع ذكر اسم الله تعالى في كل شيء تبركا وتيمنا واستعانة على اتمام الشيء ومباركته، واسم الله اسم الله الأعظم الذي لم يسمّ به غيره تبارك وتعالى، ولهذا لا يعرف في كلام العرب اشتقاق لاسم الله على الاطلاق، وقيل أن اسم الله: مشتق من كلمة اله فهو اله العالمين، وقيل مشتق من وله اذا تحير لأنه تعالى يحير في الفكرفي حقائق صفاته، وقيل مشتق من ألهت أي سكنت اليه، والعقول لا تسكن الا الى ذكره سبحانه وتعالى،ألا بذكر الله تطمئن القلوب.
معنى الاستعاذة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
أي أستجير بجناب الله تبارك وتعالى وألو ذ بحصنه المنيع من الشيطان الرجيم أن يضرني في ديني وفي دنياي، أو يصدني عن فعل ما أمرت به، والشيطان لا يكفه عن الانسان الا الله تبارك وتعالى والاستعاذة به سبحانه وتعالى منه، وهي الالتجاء الى الله تعالى من شرّ كل ذي شر، والاستعاذة تعني دفع الشر.
والشيطان بلغة العرب مشتق من شطن أي بعد، والشيطان بفسقه بعيد عن كل خير، والعرب تقول: تشيطن فلان أي بعد فلان، ولهذا يسمّون كلّ متمرّد من جنّي وانسي وحيوان شيطانا، وقال الله تعالى عنهم:شياطين الانس والجن، والرجيم هو المطرود من رحمة الله عزوجل،كقوله تعالى: وجعلناها رجوما للشياطين.... وحفظا من كل شيطان رجيم.