بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن التقوى كلمة جامعة تجمع الخير كله وحقيقتها أداء ما أوجب الله و اجتناب ما حرمه الله على وجه الإخلاص له و المحبة والرغبة في ثوابه والحذر من عقابه ... و قد أمر الله عباده بالتقوى ووعدهم عليها بتيسير الأمور وتفريج الكروب و تسهيل الرزق و غفران السيئات و الفوز بالجنات قال تعالى { يأيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم } ... و قال تعالى { إن للمتقين عند ربهم جنات النعيم } ... فيا معشر المسلمين راقبوا الله سبحانه وبادروا إلى التقوى في جميع الحالات وحاسبوا أنفسكم في جميع أقوالكم و أعمالكم و معاملاتكم و تداركوا أنفسكم وتوبوا إلى ربكم وتفقهوا في دينكم وبادروا إلى أداء ما أوجب عليكم و اجتنبوا ما حرم الله لتفوزوا بالعز والامن و الهداية و السعادة في الدنيا والآخرة ... و احذروا من الانكباب على الدنيا و إيثارها على الآخرة ...
قال بعض السلف رحمهم الله لا تزهد في الحق لقلة السالكين و لا تغتر بالباطل لكثرة الهالكين ...
و أوصي أخوتي المسلمين بخمسة أمور ...
الأول ... الإخلاص لله وحده في جميع القربات القولية و العملية و الحذر من الشرك كله دقيقه و جليله وهذا أوجب الواجبات و أهم الأمور ...
الثاني ... التفقه في القرآن و سنة الرسول صلى الله عليه وسلم و التمسك بهما و سؤال أهل العلم عن كل ما أشكل عليكم في أمر دينكم ... و الحذر من أتباع الهوى و عليكم التمسك بالحق و الدعوة إليه و الحذر مما خالفه للفوز بخيري الدنيا والآخرة ...
الثالث ... إقامة الصلوات الخمس و المحافظة عليها في الجماعة فإنها من أهم الواجبات و أعظمها بعد الشهادتين و هي عمود الدين و الركن الثاني من أركان الإسلام و هي أول شيء يحاسب عليه العبد من عمله يوم القيامة ...
الرابع ... العناية بالزكاة و الحرص على أدائها كما أوجب الله و كل مال لا تؤدى زكاته فهو كنز يُعذب به صاحبه يوم القيامة أما غير غير المكلف من المسلمين كالمجنون والصغير فالواجب على وليَه العناية بإخراج زكاة ماله كلما حال عليه الحول لعموم الأدلة من الكتاب والسنة و الدالة على وجوب الزكاة في مال المسلم مكلفاً كان او غير مكلف ...
الخامس ... يجب على كل مكلف من المسلمين أن يطيع الله و رسوله في كل ما أمر الله و رسوله كصيام رمضان و حج البيت مع الإستطاعة و سائر ما أمر به الله و رسوله و أن يعظم حرمات الله و يتفكر فيما خلق الله لأجله و أمر به و يحاسب نفسه في ذلك دائماً ... فإن كان قد قام بما أوجب عليه فرح بذلك وحمد الله عليه و سأله الثبات و أخذ حذره من الكبر و العُجب و تزكية النفس ... و إن كان قد قصر فيما أوجب الله عليه بادر إلى التوبة الصادقة والندم و الإستقامة على أمر الله و الإكثار من الذكر و الاستغفار و الضراعة إلى الله سبحانه وسؤاله و التوبة من سالف الذنوب و التوفيق لصالح القول و العمل ... ومتى وفق العبد لهذا الأمر العظيم فذلك عنون سعادته ونجاته في الدنيا والآخرة ...
فاتقوا الله عباد الله و عظموا أمره و نهيه و بادروا بالتوبة إليه من جميع ذنوبكم و اعتمدوا عليه وحده و توكلوا عليه فإنه خالق الخلق و رازقهم و نواصيهم بيده سبحانه لا يملك أحدهم لنفسه ضراً و لا نفعاً و لا موتاً و لا حياةً و لا نشوراً ... قدموا رحمكم الله حق ربكم وحق رسوله على حق غيره وطاعة غيره كائناً من كان وتآمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر ... و أحسنوا الظن بالله و أكثروا من ذكره و استغفاره وتعاونوا على البر والتقوى و لا تعاونوا على الإثم و العدوان ...
المرجع ... مجموع فتاوى ومقالات متنوعة ... كتاب ملحقات العقيدة ج-الثامن و العشرون - ...
تأليف ... الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - ...