هي صرخات تتلوى من شدة الألم والقهر، جسد غض وقع عليه ظلم المجتمع مرة أخرى، لتعلو الأحاديث عن دوافع الجريمة وتأتي كلمة بسيطة على شفاه مرتكبيها "الشرف"، فقد تصاعدت في الآونة الأخيرة جرائم قتل النساء على خلفية الشرف في فلسطين، دون النظر إلى ماهيتها والشبهات التي تدور حولها، طالما أن حكم المجتمع صدر بها، فلا غبار عليه.
فقبل أسابيع من هذا الحديث، وجدت جثة في مكب النفايات في مدينة قلقيلية شمال الضفة الغربية، كانت امرأة وأما لأطفال، وفي حادثة أخرى قتل أخ شقيقته.
صرخات الضحية والقاتل معروف يتباهى بما اقترفت يداه، والدافع كما كل مرة "الشرف"، تلك القضايا أرق ظهورها المجتمع الفلسطيني الذي غابت عنه لسنوات عدة، فباتت جرائم قتل النساء هما آخر يضاف إلى هموم توفير الأمن والأمان.
العذر المحل
قالت سعاد أشتيوي، الأخصائية النفسية في جمعية الدفاع عن الأسرة بمدينة نابلس، معقبة على ازدياد نسبة جرائم قتل النساء على خلفية الشرف في المجتمع الفلسطيني: يعود ذلك إلى حالة عدم الاستقرار الذي يعيشه المجتمع، والفلتان الأمني الذي تمر به الأراضي الفلسطينية لعب دورا كبيرا في ازدياد تلك الحالات، فغياب القانون له دور كبير في ملاحقة النساء على خلفية ما يسمى "الشرف"، والذي يعد ذريعة لهروب الجاني من جريمته.
وتضيف أشتيوي: هناك عدة عوامل ساهمت في تزايد قتل النساء المتعمد، فالفلتان الأمني أهمها وغياب القانون والشرطة لسنوات عدة من الانتفاضة، ولا يوجد هناك رقيب ومحاسب لتلك التجاوزات، وأيضا الوضع الاقتصادي الصعب الذي يغطي تلك الجرائم، والتي تبقى طي الكتمان بسبب غياب الرأي العام في المجتمع.
وقد بلغت الحالات الموثقة لدى منتدى المنظمات الأهلية الفلسطينية لمناهضة العنف ضد المرأة منذ بداية العام لغاية 30/10/2007 ما مجموعه 58 حالة قتل لفتيات ونساء في الضفة الغربية وقطاع غزة، وكانت أصغرهن مولودة قتلت يوم ولادتها، وأكبرهن عمرا 75 عاما، ومن بين مجموع الحالات كانت 26 حالة - منها 10 حالات في الضفة الغربية و16 حالة في قطاع غزة - قد وثقت رسميا على أنها قتل على خلفية ما يسمى "الشرف".
فمجموع حالات العنف الموثقة في الشرطة عن محافظات الضفة الغربية منذ بداية العام ولغاية 29/10/2007 (لم يتم توثيق حالات قطاع غزة، وذلك نتيجة للأوضاع الحالية) كالتالي: قتل النساء على خلفية ما يسمى "الشرف" 12 حالة، شروع بالقتل 10 حالات، التهديد بالقتل حالة واحدة، سفاح حالتان، اغتصاب 7 حالات، شروع في الاغتصاب 6 حالات، تحرش جنسي 15 حالة، هتك عرض 24 حالة، عمل مناف للحياء 20 حالة، خطف 5 حالات، حجز حرية 4 حالات، تسمم 4 حالات، انتحار 8 حالات، محاولة انتحار 17 حالة، عنف عائلي حالتان، التهديد 137 حالة، والعنف اللفظي والجسدي والنفسي 730 حالة.
ومن جانبها تشير المحامية لينا عبد الهادي إلى أن غياب قانون فلسطيني يستند عليه في تلك الحالات يفاقم من خطورة الوضع، وما هو سار في الأراضي الفلسطينية قانون أردني، وينص على "العذر المحل"، أي إذا وجد الزوج زوجته على فراش الزوجية تخونه وقام بقتلها لا يحاسب أو يحاكم؛ لأن لديه عذره الذي أحل له الشروع في ذلك، والعذر المحل كما تقول المحامية قد يخفف الحكم لشهور أو قد يلغيه تماما.