ربط عدد من الأطباء بين الصيام والشفاء من الأمراض النفسية والعصبية والصداع النصفي، مؤكدين أن الصيام لا يمثل فقط الامتناع عن ضرورات الحياة، بل يتسبب في دفع الجسم إلى التكيف مع حالة الصوم حتى يبذل عقل الصائم جهده للتنظيم الإيجابي للحالة النفسية للفرد، ويؤدي إلى تخفيف حدتها . وأكدوا أن المرأة الحامل يمكنها الصوم إذا كانت لا تشكو مرضاً عضوياً آخر يمنعها من الصيام، موضحين أن الصيام غير ممنوع في أشهر الحمل الأولى والأخيرة، وأنه على الأم ألا تخشى على الجنين، لأنه لا يتأثر بصيام الأم لأن جسمها فيه خزين من المواد الغذائية والحديد .
الأمراض النفسية والصوم
تقول الدكتورة نادية محمد عبد الرحيم استشارية الطب النفسي والأعصاب إن الصيام يساعد على شفاء الأمراض النفسية، إن لم يكن جميع الأمراض المسماة بالعصبية، وفكرة الصيام، بغض النظر عن الروحية، تمثل الزهد والإعراض عن كل ضرورات الحياة الحسية كالطعام والشراب والجنس، وبإبعاد هذه الضرورات الجسمية إلى مستوى غير محسوس، فإن العقل، بطريقة أتوماتيكية، يتمرس على تنظيم الجسم حتى تصير غضبة الجوع والعطش غير مؤلمة . وعلى هذا فإن الأمراض العصبية التي تؤدي إلى أعراض جسمانية، والمسماة بالأمراض النفسية الجسمية، ستخف حدتها إذا ما سمح الصيام لعقل المريض يأن يبذل جهده لوضع تنظيم إيجابي على الجسم، وإذا كان الصائم بحماسة دينية فإن الأمراض النفسية والعصبية الأخرى، مثل الاكتئاب والقلق والهوس أيضاً، ستخف حدتها بالصيام، وهذا يتحقق إذ لوحظ أن للصيام أثراً في العقل المضطرب، فإن الحالة المضطربة للعقل في الأمراض النفسية المذكورة سوف تهدأ أو تتلطف وستقوى الروح المعنوية للفرد .
الصداع النصفي
وبالنسبة للصداع النصفي توضح الدكتورة نادية عبدالرحيم أنه أحد الأمراض التي تبدو سبباً لعدم الصيام، ولكن الحقيقة قد يكون الصوم هو العلاج .
إن عدداً من مرضى الصداع النصفي يعانون من هجمات حادة إذا صاموا، وهؤلاء المرضى عادة ما يكونون من ذوي الطبع المتشكك، وكثيراً ما تظهر عليهم أعراض القلق إذا ما حدث شيء غير صحيح، ولهذا يسعون بجدية إلى تصحيح الأوضاع غير السليمة، ووضعها موضع الصحة، وفي الصيام فإن ألم الجوع ليس شيئاً غير محسوس بالنسبة لهم، لأنهم يعلمون أنه يمكن أن يسكن بالطعام، وعليه فإن مرضى الصداع النصفي يمكنهم أن يصوموا ويستفيدوا من الصيام لو أنهم عرفوا كيف يصومون بطريقة صحية، والجوع سوف يتوقف عن أن يكون الزناد لحدوث الصداع، لو أنهم تعلموا الاسترخاء وأن يتقبلوا آلام الجوع كحقيقة فسيولوجية عادية أو لا يحاولون أن يحاربوها .
شرب السوائل والتدخين
تقول الدكتورة بهيجة علي بدوي إخصائية طب عام، إنه يجب عدم الإفراط في تناول كميات كبيرة من السوائل أو المشروبات والماء بعد سماع أذان المغرب مباشرة، بينما تكون المعدة في هذه الحالة خالية تماماً، وإذا حدث ذلك، فإننا نجد أن هذه السوائل يتم امتصاصها من الأمعاء بمعدل سريع، فتذهب مباشرة إلى الدم، مما يؤدي إلى انخفاض تركيز الدم، وبالتالي تحدث زيادة ملحوظة في إفراز السائل المائي بواسطة الجسم الهدبي، مما ينتج عنه زيادة ضغط العين، وبخاصة لدى مرضى الجلوكوما المزمنة البسيطة، الأمر الذي يؤدي إلى تفاقم الحالة وزيادة حدتها .
وتشير الدكتورة بهيجة بدوي إلى أن الأشخاص المدخنين، والذين يريدون أن يتركوا هذه العادة، فإنهم سيجدون في الصيام أرضاً جيدة للتدريب على هذا، إن عدم التدخين في الفترة من طلوع الشمس حتى غروبها سيكون كافياً لحدوث بعض الأعراض نتيجة لإلغاء عادة التدخين، وبمرور الوقت خلال شهر رمضان سيضعف هذا التوق إلى التدخين كثيراً، وسوف يتمكن الفرد من الإقلاع عن هذه العادة تماماً .
الحامل تصوم
وتوضح الدكتورة زينب حسان الراوي اختصاصية الأمراض النسائية والتوليد والعقم، أن الحامل تستطيع أن تصوم إذا كانت تتحمل الصيام، ولا تشكو من مرض عضوي آخر يمنعها من الصيام .
أما إذا كانت المريضة مصابة بالسكر أو بارتفاع ضغط الدم، ننصحها بعدم الصيام، وتكون معذورة، لكن إذا كانت لا تشكو من أي أعراض جانبية فالصيام غير ممنوع في فترة الحمل نهائياً سواء في الأشهر الأولى أو الأخيرة، ولكن بعض السيدات الحوامل يصبن بحالة الاستفراغ في الأشهر الأولى من الحمل ومعها لا يستطعن الصيام، لأنه ربما يؤدي فقدان السوائل إلى هبوط في الضغط، أما إذا كانت صحتها العامة جيدة، فتستطيع المرأة الحامل الصوم لأنه يطهر الجسم من جميع الشوائب، وهو تصفية من الأكل الكثير والسموم، وعلى الأم ألا تخشى على الجنين لأنه لا يتأثر بصيام الأم لأن لديها خزيناً في جسمها من المواد الغذائية والحديد، أما إذا كانت مصابة بالسكري فمرضاه يأخذون الأنسولين، فقد يهبط عندها السكر هبوطاً شديداً، إذا لم تتناول الغذاء المناسب لها، وهنا لا تستطيع الصوم .