بعض الناس هداه الله تعالى عنده حب البحث على الخطأ فالخطأ ضالته فتجده يتقصص كتب العلماء لا بحثًا عن الفائدة وإنما بحثًا عن الزلة فهو كالذباب لا يقع إلا على كل قبيح فإذا ظفر بالخطأ قال : (الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله) فطار به في المجالس هذا الرجل فيه كذا وكذا وعنده من الخطأ كيت وكيت ، فإذا بحثنا عن هذا الرجل وجدنا له في الإسلام أيادٍ مشكورة وآثار محفوظة فكم خدم الإسلام بكتاب وتعليم علم ، فصوابه كثير وخطؤه قليل ، وهذا الرجل لا يبث إلا خطأه وهذا خطأ ولاشك ، بل الإنصاف أن يغتفر هذا الخطأ اليسير وأن يبحث له عن التأويلات المناسبة إذا كان المقام يحتمل ذلك أما أن يحذر من هذا الرجل على الإطلاق فهذا ليس بصواب ، بل الإنصاف أن يغتفر قليـل خطأ الـمرء فـي كثير صوابـه ، فمـن الذي لا يخطئ ومن هو المعصوم بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلو أننـا قدحنـا فـي كل مـن أخطأ فإنه والله لا يسلم أحد حتى صحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنهم ليسوا بمعصومين إلا فيما أجمعوا فيه أما آحادهم فلا ، والمراد أن الإنسان لا ينظر إلى الخطأ مطلقًا ويترك الصواب ولا يترك الخطأ مطلقًا وينظر إلى الصواب بل يحذر من الخطأ حتى لا يقـع النـاس فيـه ولا يثلب على الرجل ، بل يـذكر أن له محاسنًا وأنه ليس بـمعصوم . لكن عنـده من الأخطاء كيت وكيت ، فحذر من الخطـأ لذات الخطأ بغض النظر عن قائلـه ما أمكن وإلا فلا تنس جانب الخير عند كثير الإصابة بقليل الخطأ ، والله يتولانا وهو أعلم بنـا ، والذي دعاني لـهذه القاعـدة والتأكيد عليهـا هو ما انتشر في هذه الأزمان من الكلام على أئمة فـي العلم كالإمام النـووي وابن حجـر وابن الـجوزي ، وغيرهـم من أئمة الحديث الذين لا نعرف عنهـم إلا حسـن السيرة وسلامـة النيـة أتعبـوا أنفسهم فـي تأليف العلـم خدمـة لله تعالـى وخدمة لأهـل العلم ، إلا أننـا نقول : إنهم ليسوا بـمعصومين ولا يـخلـون من الأخطاء فهـم مـخالفـون لـمنهـج أهـل السنة فـي الأسـماء والصفات غالبًا ، لكن لا يكون هذا ذريعة لرد ما عندهم من الحق والصواب ، فالحق مقبول مما جاء به وإن كان أكذب الناس والباطل مردود ممن جاء به وإن كان موصوفًا بالصدق ، فهؤلاء لاشك أن لهم أيادٍ مشكورة في الإسلام وخدمة السنة إلا أن عندهم هذا الخطأ فهو مردود ، لكن لا نتكلم على ذواتهم ونكثر اتهامهم والحط من منزلتهم هذا لا يجوز ، اللهم إنا نبرأ إليك من كل ما يخالف شرعك ، والله أعلم .