سبق أن هيمن روجيه فيدرر طوال ثلاث سنوات بطريقة لا سابق لها على ساحة التنس العالمية، لكن السويسري الوسيم يغرد هذه الأيام خارج سرب الانتصارات.
ففي وقت احتفى "غريمه" الإسباني رافاييل نادال بحصده لقب بطولة الولايات المتحدة المفتوحة "فلاشينغ ميدوز"، آخر البطولات الأربع الكبرى، للمرة الأولى في مسيرته، اثر فوزه على الصربي نوفاك ديوكوفيتش، ليصبح سابع لاعب يحقق الـ"غراند شليم"، كان فيدرر يواجه معضلة غيابه للمرة الأولى منذ ستة أعوام عن النهائي، واكتفائه بفوز في نهائي واحد ضمن الـ"غراند شليم" هذا العام (بطولة أستراليا). كما خسر للمرة الثالثة أمام ديوكوفيتش في نصف نهائي، فضلاً عن "سر" عدم حسمه الموقف في مصلحته مرات عدة كانت الفرصة خلالها في متناوله، وإهداره مرتين كرة الفوز بالمباراة.
خاض فيدرر بطولة "فلاشينغ ميدوز" باحثاً عن استعادة اللقب الذي فقده العام الماضي بخسارته أمام الأرجنتيني خوان مارتن دل بوترو في مباراة ماراتونية استمرت أكثر من أربع ساعات، وذلك بعد أن احتكر اللقب خمس مرات متتالية بين عامي 2004 و2008.
تقوقع غير مبرر
وفيدرر، صاحب الرقم القياسي بالألقاب الكبيرة برصيد 16 لقباً، حمل رقماً قياسياً آخر إذ انه وصل إلى ربع نهائي إحدى بطولات الـ"غراند شليم" للمرة الـ26 على التوالي، وتحديداً منذ بطولة ويمبلدون عام 2004. وبدا السويسري مرتاحاً جداً قبل مواجهته ديوكوفيتش، وأعرب عن سعادته من المستوى الذي يقدمه، واعتماده "منحى هجومياً". لكن "التقوقع" في اللحظات الحاسمة ضمن نصف النهائي الماراتوني (3 ساعات و44 دقيقة)، يحتم عليه تقويم الموقف مجدداً، في ضوء مؤشر الأرقام والإحصاءات.
لقد تطور الخط التصاعدي على صعيد تحقيق الألقاب في مسيرة فيدرر بين عامي 2003 و2006، بدءاً من حصده 6 ألقاب في الموسم الواحد وصولاً إلى جمعه 9 منها. ثم بدا "التدحرج" ليستقر المؤشر عند 5 ألقاب عام 2007، ويهبط إلى 3 عام 2008 ثم إلى لقبين في العام التالي، والاكتفاء بلقب واحد حتى تاريخه هذا العام الذي تعرض خلاله لـ11 هزيمة.
للمرة الأولى منذ عام 2003 لم يخض فيدرر إلا مباراة نهائية واحدة في الـ"غراند شليم". ومنذ عام 2004 يوم أقصي في ربع نهائي رولان غاروس وويمبلدون، لم يغب عن نصف نهائي الدورات الأربع الكبرى.
في المقابل، لم يتمكن فيدرر من التغلب على أي من المصنفين العشر الأوائل خلال الفترة الممتدة من شباط/فبراير الماضي (بطولة أستراليا) وحتى آب/أغسطس المنصرم (دورة سنسيناتي).
لا شيء يحملني على الشعور بالتعاسة
غير أن المصنف ثالثاً عالمياً حالياً خلف نادال وديوكوفيتش، لا يعير الأمر أهمية، موضحاً أن لا شيء يحمله على الشعور بالتعاسة. ويضيف: "إذا قارنا الوضع بمواسم كنت أحرز فيها 3 ألقاب في الغراند شليم، يمكن القول إن موسم 2010 مروع. لكنني سعيد بلقب واحد حصدته (أستراليا) وببلوغي نصف نهائي واحد، وربع نهائي مرتين. المهم أنني مرتاح في موقعي، واشعر أنني نضر بدنياً وسعيد أن الموسم لم ينته بعد".
يؤكد فيدرر انه لا يزال يملك الرغبة في اللعب والمنافسة. وعلى رغم إعلانه عدم المشاركة في مواجهة سويسرا لكازاخستان ضمن مسابقة كأس ديفيس، "بغية التخلص من الإرهاق بعد بطولة الولايات المتحدة وما سبقها من أسابيع مزدحمة بالدورات، وكي أتمكن من إنهاء العام بقوة"، كما أوضح على موقعه الالكتروني، فقد وضع نصب عينيه أهدافاً عدة: ماسترز 1000 في شنغهاي ودورة باريس-بيرسي التي لم يحرز لقبها بعد، وبطولة الماسترز في لندن، فضلاً عن محاولة حصده لقب دورة بال على أرضه حيث حجبه عنه ديوكوفيتش العام الماضي.
مستمر حتى دورة لندن الأولمبية
ويؤكد الساحر السويسري منذ سنوات انه مستمر "صامداً" في الميدان حتى دورة لندن الأولمبية عام 2012 على الأقل. فلقبها للفردي من "التتويجات" النادرة التي لا تزال تنقص سجله الغني، إضافة إلى كأس ديفيس (خاض في هذه المسابقة 48 مباراة بما في ذلك مباريات الزوجي وفاز في 37 منها).
وتعاقد فيدرر أخيراً مع مدرب جديد هو الأميركي بول آناكون، آخر من درب الأميركي بيت سامبراس قبل اعتزاله، آملا في أن يطور أداءه على الشباك.
ويلفت آناكون أن في مقدور فيدرر التنويع في اختياراته أمام منافسيه "كونه يملك تقنيات فنية عالية. ومن الغباوة بمكان اكتفاؤه بنوعين من السلاح وإهمال الأنواع الأخرى الوفيرة في ترسانته". وهذا ما افقده في الآونة الأخيرة التموضع الجيد وصد كرات بعيدة لنادال وديوكوفيتش والبريطاني آندي موراي والتشيكي توماس برديتش.
المصدر: أ ف ب