قبل 12 يوما، ومع دقات السابعة صباحا، دق "الخط الساخن" في منزل الفنان طلعت زكريا فقام من نومه منزعجا، ورفع سماعة الهاتف في قلق متسائلا عن المتصل في هذا التوقيت المبكر، فجاءه رد مقتضب أزال كل آثار النعاس من عينيه وأيقظ كل حواسه: "رئاسة الجمهورية"!
كانت هذه "كواليس" الاتصال الرئاسي الذي تلقاه الفنان طلعت زكريا، وبعدها بثلاث ساعات، وبالتحديد في العاشرة من صباح الأحد 19 سبتمبر، كانت قدمه اليمنى تسبق دقات قلبه إلى داخل المكتب الرئاسي، ليمضي مع الرئيس مبارك لقاء منفردا استمر ساعتين وربع الساعة، وهو الأمر الذي أثار دهشة الكثيرين، واستنكار البعض، غير أن زكريا المولود بتاريخ (29 مارس 1957) في مدينة الإسكندرية (220 كيلو مترا شمال القاهرة) أكد لـ"العربية نت" أن لقاءه بالرئيس كان لفتة طيبة، وإبرارا بالوعد الذي قطعه الرئيس على نفسه في اتصال بالفنان أثناء محنته المرضية قبل ثلاثة أعوام.
وحول شعوره لحظة تلقيه الاتصال الرئاسي نفى زكريا تسرب أي ذرة شك إلى قلبه في أن الاتصال من رئاسة الجمهورية حقا، مؤكدا: كنت واثقا من أن الرئيس سيفي بوعده على الرغم من كثرة مشغولياته، وفي هذا أكبر رد على المندهشين والمستنكرين لتفضل الرئيس بالجلوس مع شخصي الضعيف ساعتين وربع الساعة.
وعن مشاعره لحظة دخوله على الرئيس أوضح: كانت دقات قلبي تتصاعد بقوة، إلا أن الحفاوة والبساطة التي صافحني بها الرئيس أزالت من قلبي كل رهبة، خاصة حينما داعبني الرئيس قائلا: "مرحبا بطباخ الريس".
حلفت بالطلاق أني أحبه
وحول سبب جلوسه أمام الرئيس دون أن يسند ظهره إلى الكرسي وهل هذا بسبب خوفه أكد: كان هذا الأمر عفويا من جانبي، ولم يكن ناتجا عن خوف أبدا، إنما عن احترامي الشديد للرئيس، الذي أعتبره أخاً أكبر لي، وهذا ما عبرت عنه لحظة دخولي قائلاً (عليّ الطلاق أنا بحبك يا ريس)، قلتها بعفوية شديدة لا مجال للتصنع فيها، لاسيما أن مبارك يمتلك من الحنكة ما يمكنه من التمييز بين المشاعر الصادقة أو المنافقة.
وأوضح أن حديثه مع الرئيس تطرق إلى مواضيع شتى، منها ما يختص بالأسرة الفنية التي أكد الرئيس تقديره لدور الفنانين المصريين.. وأضاف: المحنة المرضية التي مررت بها دفعتني لمطالبة الرئيس بإعادة الاحتفال بـ"عيد الفن"، وهو ما وافق عليه الرئيس فورا، وطالبني بأن أنسق في هذا الأمر مع وزير الثقافة ونقيب الممثلين.. كما تطرق الحديث أيضاً عن قضايا البلد من غلاء، وتكدس مروري، وبطالة، وعنوسة، وأكد لي الرئيس أن الأساس في كل هذه المشكلات هو الزيادة السكانية.
الرئيس خصني بتجسيد الشخصيات القريبة منه
وقال معلقا على اللقاء الثاني الذي جمع الرئيس أمس الأول بمجموعة من الفنانين بينهم يحيي الفخراني ومحمود ياسين وحسين فهمي ويسرا ونيللي كريم، أكد أن هذا دليل على تقدير الرئيس للدور الذي يقوم به الفنانون، باعتبارهم سفراء مصر إلى العالم.
وبرر طلعت زكريا تميزه عن هؤلاء الفنانين بلقاء منفرد مع الرئيس بأنه لا يجد ردا على ذلك سوى عبارة "وأنا كمان" التي قالها الرئيس ردا على قسم الفنان بحبه له، وهو ما تترجم أيضا في وعد من الرئيس بأن يكون طلعت زكريا هو الفنان الوحيد المسموح له بتجسيد الشخصيات القريبة من الرئيس كحارسه، سائقه، وهكذا.
وأشار إلى أنه تلقى مباركة الرئيس على أحداث الجزء الثاني من فيلم "طباخ الريس"، وأن الرئيس لم يعترض على أي جزئية من الأحداث على الرغم من أنها تتضمن العديد من الانتقادات للمسؤولين بالحكومة، واعتبر زكريا أن مباركة الرئيس هي أكبر حماية له من تعنت جهاز الرقابة على المصنفات الفنية الذي كثيرا ما يتدخل لقص المشاهد التي تحمل انتقادات لاذعة للحكومة.
وختم "زكريا" حديثه مؤكدا أنه لم يكن يتوقع أن تطأ قدماه المكان الذي جلس فيه أوباما وساركوزي وتوني بلير وكل قادة العالم، مشيرا إلى أن الرئيس وعده أيضا بتكريم أسرة فيلم "طباخ الريس" في عيد الفن في ديسمبر المقبل.