السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
التوبة وثبات النفس
مسكين ذلك الفتى، في ريعان شبابه، وعنفوان صباه، واكتمال قوته، وذكاء غريزته، لكنه مع كل أسباب القوة التي يحويها سرعان ما يضعف وينهار أمام الشيطان وألاعيبه.
في كل مرّة يعزم على الصبر والمجاهدة، ويعاهد ربه ونفسه على ألا يعود ويخاطب نفسه ويحثها على مواجهة الشيطان، ويوبخها على ما كان منها من ضعف وهوان، ولكنه يجد نفسه بعد ذلك قد ذلَّ للشيطان وانقاد له وخضع عند أوّل مواجهة له مع عدوّه اللدود!.
فإذا ما وجد نفسه تنغمس في مياه الشيطان الآسنة، عاودَ الكرّة وسارع في انتشالها من ذلك المستنقع الكدِر.
وهكذا يظل عُمُـرَهُ كله يقضي حياته بين التوبة والإنابة، وبين الوقوع في المعاصي والرذائل، لا يكاد يجف ثوبه من بلل تلك المياه القذرة إلا ويجد نفسه قد سقط فيها مرّة أخرى.
نعم.. إنها مجاهدة للنفس والشيطان والهوى، ومساجلة بين حلاوة الإيمان، ومكائد الشيطان، وصراع مستمر بين التقدم والنكوص، والعلو والسفول.
هذا واقع الكثير من الشباب الصالحين الذي يريد سلوك سبيل الهدى، لكنه دائماً يتعثر في حفر الطريق وذلاته، وهذا الواقع بادرة خير، ودليل على صدق أولئك الفتيان، وحبهم للخير، وابتغائهم مرضاة الله.
لكن هذه الطريقة في مجاهدة الشيطان والنفس لا تقوى على الإطاحة بالشيطان، ومجرد عتاب النفس ولومها على ما كان من تقصير وأخذ العهود والمواثيق مع الله، ومع النفس لا يجدي ولا ينفع إن لم يرتبط ذلك بوسائل عملية وأسلحة إيمانية، وحلول واقعية.
فالتوبة كما يقول البغوي ـ رحمه الله (( ترك المعاصي نية وفعلاً، والإقبال على الطاعة نية وفعلاً )).
إن الشاب المؤمن لن يستطيع أن يتخلص من المعاصي والآثام التي يعيشها، حتى يتعرف مكامن السقوط، وأسباب الوقوع في تلك المعصية، ومداخل الشيطان عليه، ثم يضع الحلول العملية والطرق الوقائية، ويتسلح بأسلحة الإيمان، بالذكر والقيام والصيام والدعاء، فإذا ما أخذ بهذه الوصية، حُقَّ له أن يستبشر بالنصر على الشيطان، ولا ينسى الرباط بعد ذلك، فإن العدو يتحيّن الغفلات.
دمتم برعاية الله