ما العمل إذا ما تبين لجهاز القضاء لاحقا أن الشخص الذي نفذ فيه حكم الإعدام قبل ست سنوات كان بريئا!؟ ماذا ينفع الاعتذار وماذا يفيد الشعور بالإحراج والفضيحة..؟ يعتزم قاض أميركي التحقيق في عقوبة الإعدام التي نفذت عام 2004 في تكساس، وربما يؤدي هذا التحقيق إلى الكشف عن أن هذا الإعدام تم بحق بريء، وهو الأمر الذي ربما يدفع الولاية إلى الاعتذار، وفي حال حدوث ذلك فستكون هذه هي المرة الأولى التي تعترف فيها ولاية أميركية بوقوع مثل هذا الخطأ القضائي الفادح.
ويتعلق الأمر بالمواطن الأميركي تود ويلينغهام الذي أعدم في شباط عام 2004 بتهمة قتل ثلاثة أشخاص، حيث اتهم بأنه أشعل النيران في منزله عام 1991 وكان عمره آنذاك 23 عاما وكان يهدف من وراء ذلك إلى التخلص من بناته الثلاث، وهن توأم (عام واحد) وطفلة (عامان). ونصت الدعوى على أن البنات الثلاث كن يزعجنه أثناء الاستمتاع بهواياته، وهي شرب الجعة ورمي السهام. وتوفيت البنات الثلاث وضم المحلفون صوتهم لصوت الادعاء العام الذي خلص إلى أن هذا الرجل "وحش".
وبينما كان ويلينغهام يجلس في غرفة الموت ويطعن في الحكم بإدانته، سجل خبراء قانون بارزون شكوكهم في صحة الحكم حيث رأوا أن الأدلة التي استخدمت في إدانة ويلينغهام بالمسؤولية عن الحريق الذي شب في منزله تستند إلى طرق وآراء تقادمت مع تقدم العلم وعفى عليها الزمان. ودعم خبير أميركي ذائع الصيت التماس ويلينغهام بالعفو وتقدم قبيل تنفيذ حكم الإعدام بتقرير مفصل دحض فيه جميع المعلومات التي وردت في القضية.
ولكن ذلك لم يجد شيئا، حيث لم تكن لجنة العفو التابعة للولاية وكذلك حاكم الولاية بيري في صف الحجج التي قدمها هذا الخبير أو تجاهلوها ببساطة كما يرى منتقدو الحكم. أما بيري نفسه فدافع عن موقفه بالقول إن حكم الإدانة يستند في النهاية إلى سلسلة من التفاصيل الدقيقة المتناسقة مع بعضها البعض بشكل لا ثغرة فيه.
وبالفعل شهد أحد السجناء في قضية القتل بأن ويلينغهام اعترف له في السجن بأنه ارتكب هذه الجريمة. كما أن جيرانا لويلينغهام ذكروا أنه لم يبذل جهدا كافيا لإنقاذ بناته في المنزل المشتعل بعد أن نجا بنفسه إلى خارج المنزل. وحسب ويلينغهام نفسه فإن صيحات ابنته الكبرى هي التي أيقظته من نومه في غياب زوجته عندما اشتعلت النيران في المنزل وأنه حاول إنقاذ بناته ولكنه لم يستطع بسبب سرعة انتشار النيران. ولكن كلا من الشرطة والادعاء والمحلفين وحاكم الولاية لم يصدقوه، ومع ذلك فإن العديد من الأصوات تعالت منتقدة حكم الإعدام بعد تنفيذه.