السيد أبو عمّار المحترم
تحيّة الحزن و الألم عبر ستار الغموض ما بين الحياة و الموت
اسمح لي, في بداية سطوري, أن اعتذر لك عن عدم ذكر ألقابك في رأس رسالتي عندما ذكرتك, اعذرني فلست قادراً على ذكر ألقابٍ يُراد بها التبجيل فلا ينطق بها اللسان إلا بألمٍ ساخر, فليس لقب رئاسة السلطة الفلسطينية اليوم إلا أقل وضاعةً من مدير خمّارة حقيرة, و ليس لقب قيادة منظمة التحرير الفلسطينية إلا إجهاشاً في بكاءٍ مرّ على أطلال النضال و الصمود و التصدي, لذا لم أناديك إلا بأبو عمّار, باسم الفدائي, باسم المخيّم و النازح, باسم خليل الزيتون و الليمون..
أبا عمّار..
شاهدتُ ليلة أمس, مرّة أخرى, ذاك المشهد الذي كنت فيه واقفاً على منصّة الأمم المتحدة معلناً للعالم أنك قدمت إليهم حاملاً غصن الزيتون الأخضر بيدٍ, و بندقية الثائر بيدك الأخرى.. طالباً منهم ألا يدَعو غصن الزيتون يسقط من يدك, قلتَها مرّة و ثانية و ثالثة..
https://www.youtube.com/watch?v=9KImDeRy46Aأشاهد ذلك المشهد و أشعر برعشة الفخر.. بخبطة قدم الكرامة على أرض قلبي.. أشاهده و كأنني تلك المراهقة التي تشاهد الفيلم الرومانسي للمرّة العاشرة و تتنهّد مستمتعةً بلحظات الحب و العشق محاولةً أن تطرد من رأسها عِلمَها بأن البطل يموت في نهاية الفيلم و تتزوّج حبيبته غيره.. أشاهده و أنا أحييك و أشفق عليك.. أغضب عليك و أغضب منك.. ألعن أعداءك و ألعنك... ثم أترحّم عليك و على القضيّة..
لقد تركوا غصن الزيتون يسقط من يدك, لا بل أسقطوه و سحقوه تحت أقدامهم بعد أن تركتَ البندقية تسقط, و لم يكتفوا بذلك بل قطعوا يديك كي لا تساورك نفسك في حمل أي شيء مرّة أخرى, لا غصن زيتون و لا بندقية... و سخر القدر منك عندما جعلك تقدّم لهم ساطوراً مصنوعاً في النرويج كي يقطعوا لك يديك ظناً منك أنهم كانوا يريدونه لقطع أغلال شعبك..
لم يرحمك أحدٌ يا أبا عمّار, لم نرحمك نحنُ و لم يرحمك أعداؤك.. و ربما لم و لن يرحمك التاريخ.. و أنت بهذا مظلومٌ, لا لأنك تستحق الرّحمة بل لأن الكثيرين ممن نالوها لا يستحقونها.. بل تستحقها أنتَ أكثر منهم..
قدرك أن تظل مبجلاً ملعوناً.. محبوباً مكروهاً.. رمزاً و طعنة.. ذكرى و كابوساً.. سيظلّ هذا نصيبك حتّى يصل ذلك اليوم الذي سيأتي رغماً عن الممكن و المستحيل... عندها لك أن تنام قرير العين على أرض السلام..
حتّى ذلك الحين... سنصمد
لك السلام و التحيّة..