إن أيــــام العشر من ذي الحجة هي أيام المُتاجرة مع الله تعالى، ومن سيفوز بها هو أكثر الناس بذلاً وإجتهادًا وتضحية ..
يقول الله جلَّ وعلا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ، تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ، يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ، وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [الصف: 10,13]
فالعمل يُضاعف في أيام العشر أكثر مما يُضاعف في أي وقتٍ آخر حتى أيــام رمضــــان .. عن ابن عباس قال: قال رسول الله ( الله عليه وسلم" class="inlineimg" />) "ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشرة" قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ؟، قال "ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء" [رواه البخاري]
لذا لابد أن نتعلم كيفية المتاجرة مع الله تعالى، لكي ننال الأجر العظيم في هذه الأيام المُباركة .. ولنتعلَّم ذلك من أصحــــاب التجارة الرابحة ..
أولاً: أكثر الناس ربحًا .. أكثر الناس احتســـابــــــــــًا
قال رسول الله ( الله عليه وسلم" class="inlineimg" />)"إنما الدنيا لأربعة نفر عبد رزقه الله مالا وعلما فهو يتقي فيه ربه ويصل رحمه ويعمل لله فيه بحقه فهذا بأفضل المنازل. وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا فهو صــــــادق النيـــــة ويقول لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان فأجرهما سواء .." [رواه الترمذي وصححه الألباني] .. فالذي سيفوز هو الذي سيتخذ أكبر قدر من النوايـــــــا الصــــادقة في عمله ..
قال ابن المبارك "رُبَّ عملٍ صغيــــر تعظمهُ النية، ورُبَّ عملٍ كبيـــــــر تصغرهُ النية" .. وعن يحيى ابن أبي كثير قال "تعلموا النية فإنها أبلغ من العمل".
ومن النوايــــــا الهـــــامة التي عليك احتسابها في هذا الزمان الشريف ..
1) احتســـــاب أجر الحج .. فقد حبسنا العذر عن الذهاب للحج هذا العام، فلنسأل الله تعالى أن يكتب لنا الأجر بنيتنا ..
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: رجعنا من غزوة تبوك مع النبي (صلى الله عليه و سلم)فقال "إن أقواما خلفنا بالمدينة ما سلكنا شعبا ولا واديا إلا وهم معنا حبسهم العذر" [رواه البخاري]
2) احتســـاب أجر الجهـــاد في سبيــــل الله بالمال والنفس .. حدِّث نفسك بالشهادة لكي تنفي عنها النفاق ولعل الله أن يكتب لك هذا الأجر العظيم بنيتك الصادقة ..
عن رسول الله (صلى الله عليه و سلم) قال "من رابط يوما وليلة في سبيل الله كان له كأجر صيام شهر وقيامه .." [رواه النسائي وصححه الألباني] .. وفي رواية "من رابط ليلة في سبيل الله كانت له كألف ليلة صيامها وقيامها" [حسنه الألباني، صحيح الجامع (5915 / 1)]
اللهم قد حبسَّنا العذر فلا تحرِّمنا الأجر،،
3) احتسب القيام لليل قبل أن تنـــــام .. قال رسول الله ( الله عليه وسلم" class="inlineimg" />) "من أتى فراشه وهو ينوي أن يقوم يصلي من الليل فغلبته عينه حتى يصبح كتب له ما نوى وكان نومه صدقة عليه من ربه" [حسنه الألباني، صحيح الجامع (5941)]
4) والأخوات يحتسبن بصلاتهن في البيت، أجر أعظم من الصلاة في المسجد النبوي .. الذي الصلاة فيه بألف صلاة .. عن أم حُميد امرأة أبي حميد الساعدي رضي الله عنهما أنها جاءت إلى النبي (صلى الله عليه و سلم)، فقالت: يا رسول الله إني أحب الصلاة معك، قال "قد علمت أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي" [رواه أحمد وابن خزيمة وابن حبان وحسنه الألباني]
5) الهمَّ بالحسنــــــات .. حدِّث نفسك بأعمال صالحة واعقد العزم على عملها، تنال أجرها قبل أن تعملها بإذن الله ..
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و سلم) "إن الله كتب الحسنات والسيئات فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة فإن هم بعملها كتبها الله له عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة فإن هو هم بعملها كتبها الله له سيئة واحدة" [متفق عليه]
ثانيًا: أكثرنا إخلاصـــــًا .. أكثرنا أجرًا عند الله تعالى ..
عن أبي فراس رجل من أسلم قال: نادى رجل، فقال: يا رسول الله ما الإيمان؟، قال "الإخلاص" [رواه البيهقي وصححه الألباني]
فعليك أن تبتغي بعملك رضا الله وحده ولا يتعلَّق قلبك بأحدٍ غيره .. فتعمل العمل بدون حظ لنفسك فيه ولا تبتغي به ثناء الناس ومدحهم .. فهذا الذي يُضاعف له الأجر أضعافًا كثيرة بإخلاصه.
عن الضحاك بن قيس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و سلم) "إن الله تبارك وتعالى يقول: أنا خير شريك فمن أشرك معي شريكا فهو لشريكي .. يا أيها الناس أخلصوا أعمالكم فإن الله تبارك وتعالى لا يقبل من الأعمال إلا ما خلص له ولا تقولوا هذه لله وللرحم فإنها للرحم وليس لله منها شيء ولا تقولوا هذه لله ولوجوهكم فإنها لوجوهكم وليس لله منها شيء" [رواه البزار وصححه الألباني]
ولكي ترزق الإخــــــــلاص، عليك بالإكثـــار من أعمــــال السر .. قال النبي (صلى الله عليه و سلم) "من استطاع منكم أن يكون له خبء من عمل صالح فليفعل" [رواه الضياء وصححه الألباني، صحيح الجامع (6018)] .. فلتُكثِّر من الأعمال التي لا يطلِّع عليها الناس، كصدقات السر والأذكار والتهجد وزيارة الملاجيء والمستشفيات دون علم أحد.
ثالثًا: الأكثر إخلاصًا الأكثر اجتهادًا .. لا تترك بابًا من أبواب الخير إلا طرقته .. قيــام، صيــام، ذكر، دعـــاء، طلب علم، نفقات في سبيل الله، مُكث في المسجد، إعانة أحد الإخوة، دعوة .. والثمرة أن تُعتق رقبتك من النار ..
قال رسول الله (صلى الله عليه و سلم) "أيما مسلم رمى بسهم في سبيل الله فبلغ مخطئًا أو مصيبًا فله من الأجر كرقبة أعتقها من ولد إسماعيل، وأيما رجل شاب في سبيل الله فهو له نور، وأيما رجل أعتق رجلاً مسلمًا فكل عضو من المعتق بعضو من المعتق فداء له من النار .." [رواه الطبراني وصححه الألباني، صحيح الجامع (2739)]
احذر أن تنشغل عن التجارة مع الله سبحانه وتعالى في هذه الأيـــام المُباركة، كي لا تُضيِّع هذا الأجر العظيـــــــــــــــم،،
//
سبحانك اللهم وبحمدك استغفرك ربي واتوب اليك