{ ..كَرَمٌ وَجودْ ..
رأيتُ بائِعَ السَمَكِ وهُوَ يُلقي إلى القِطَطِ بما جادَتْ بهِ نَفْسُهُ مِنَ السَمَكْ ..
كانَ الجُوعُ يَعْتَصِرُني .. إقْتَرَبْتُ مِنهُ على بُعْدِ خُطُواتٍ لَعَلَّهُ يُساويني بالقِطَطْ ..
ألقى في وَجهي نَظْرَةَ إزدِراءٍ عَميقَة وحَمَلَ بِضاعَتَهُ ورَحَلْ ..
{ .. غَزَلْ
داسَتْ على قَدَمي فـ صَرَخْتُ ألماً .. قالَتْ آسِفَة ..
نَظَرتُ إليها وتأمَلتُها مَليَّاً ثُمَ قُلْتْ : لَقَدْ غارَتْ قَدَمي الأخرى فـ صَرَخْتُ عَنها أطْلُبُ العَدالَة ..
{ .. كوميديا ..
قالَ لَهُ طَبيبُه : كَفى حُزناً .. كَفى بُؤساً .. كَفى شقاءْ ..
طَلَبَ مِنهُ أنْ يَسْتَمْتِعَ بـ وَقْتِهِ ويَحْضُرَ أفلاماً ومَسَرحياتٍ كوميديَّة ..
عِندما حَضَرَ أوَلَ فيلمٍ كوميدي .. قَتَلَهُ الضَحِكُ فـ ماتْ ..!
{ .. إنْتِعاشْ ..
غَفا الحارِسْ .. فـ نامَ سِلاحُه .. فَرِحَ اللصوصْ .. فـ إنْتَعَشَتِ الجَريمَة وتَوارتِ العَدالَة ..
{ .. عَدالَة ..
أرسَلَ إلى الحاكِمِ كِتاباً عَنْ ضَرورَةِ إرساءِ العَدالَة ..
فـ أرسَلَ لَهُ الحاكِمَ يَقولُ له : ومَنْ أينَ يَأكُلُ أهْلُ المَخافِرِ والمَحاكِمْ ..؟!
{ .. إضْرابْ ..
أضْرَبَ عُمالُ النظافَة عَنْ عَمَلِهِمْ في شَوارِعِ البَلدَة ..
فـ فاحَتْ رائِحَةُ البَشَرْ ..
{ .. مَوتْ ..
ماتَ والِدُ صَديقي .. لَمْ أذْهَبْ لـ تَعْزِيَتِه .. شَغَلتني نَفسي وهُمومي ودُنياي ..
فوجِئتُ بِهِ بَعْدَ عِدَّةِ أيامٍ يَقْرَعُ بابَ بيتي .. تَلَعْثَمْتْ .. إرتَبَكْتْ .. قُلْتُ لَهُ : ما الذي جاءَ بِكْ ..
قالْ : جِئْتُ مُعَزِّياً إنْسانيتِكَ التي ماتَتْ ..
{ .. الصَمْتُ جَريمَة ..
قَرَرْتُ أنْ ألْتَزِمَ الصَمْتَ طَوالَ هذا اليَومْ .. وللعَجَبْ فَقَدْ كَثُرَ أعدائي هذا اليَومْ ..!
{ .. طَلاقْ ..
في طَريقِها إلى المَحْكَمَة كانَتْ تَهمِسُ لـ نَفسِها : يَجِبُ أنْ يُطَلِقُني وقَدَمُهُ فَوقَ رَقَبَتِه ..
إنَّهُ شَخْصٌ لا يُطاقْ .. خَمْسُ سَنواتٍ عِشْتُها مَعَهُ في بُؤسٍ ودَمارٍ وتَعاسَة ..
سـ أغْرُسُ أظافِري في وَجههِ ولَنْ أنْزَعَها حَتى يُطَلِقَني ..
بَعْدَ خُروجِها مِنَ المَحْكَمَة كانَتْ تُواسي نَفْسَها : ما أحْقَرَه .. مأ أجْبَنَه .. أهكذا بـ هذهِ البَساطَة يُطَلِقُني ..؟!
حَتى ولو غَرَسْتُ أظافِري العَشَرَة في رَقَبَته .. أليسَ مِنَ الرُجولَةِ أنْ يَغْفِرَ زَلَّتي ..؟!
أليسَ مِنَ الرجولَةِ أنْ يَتَحَمَّلَ حَماقَتي ..؟!
ما أنْذَلَه .. رَجَلٌ لا أمانَ له ..!
{ .. الجَزاءْ ..
كانَ يَعْمَلُ بـ صَمْتِ وهُدوءْ .. ظَنّوا أنَّهُ نائِمْ فـ طَردوهْ ..!
{ .. بَهلَوانْ ..
لَمْ يَعُدْ يُزعِجني أنْ أقِفَ أمامَ المرآة ولا أرى وَجهي .. لَمْ يَعُدْ يُؤلِمُني أنْ أمشي بَينَ الناسِ ولا يَلْتَفِتَ أحَدٌ أليّ ..
ما أسْعَدَني بـ هذهِ المَساحيقْ .. وما أجمَلَني بـ هذهِ الأقنِعَة .. وما أروعَني بهذا البهْلوانِ داخلي ..!
{ .. سُقوطْ ..
حَزَنَتِ العَصافيرُ لـ مَوتِ النَسْرْ .. ألمَ يَكُنْ يُطارِدُها فـ يُعَلِّمُها فُنونَ التَحليقِ فَوقَ السَماءْ ..؟!
{ .. المُفْلِسْ ..
خَرَجَ المارِدُ مِنْ القُمْقُمْ ومَنَحني مليونَ دينارْ وأشْتَرَطَ عليّ أنْ أنفِقها خِلالَ ساعَةٍ واحِدَةٍ فَقَطْ ..
مِنْ شِدَّةِ فَرحي لَمْ أسْتَطِعْ أنْ أنفِقَ شيئاً مِنَ المَبْلَغْ ..
فـ قَدْ قضيتُ الساعَةَ في عَدِّ النُقودْ ..
{ .. مَكْتَبَةُ أبي ..
جَمَعنا أبي أنا وإخوَتي وهُو على فِراشِ المَوتِ وقالَ لَنا :
مَكْتَبَتي .. قَضيتُ عُمري وأنا أجْمَعُ كُتُبَها .. إحرصوا عليها ..
ماتَ أبي.. و وفاءاً لـ وَصيَّتِهِ حَرَصنا على بَيعِ مَكْتَبَتِهِ بـ ثَمَنِ باهِظْ ..
رَحَمَكَ الله يا أبي .. أطْعَمْتَنا حيَّاً ومَيتاً ..!
{ .. أزمَة ..
ذاتَ صَيفْ .. داهَمَتهُ أزمَةُ قَلبيَّة .. هَرَعَ إليه الجَميعْ .. التفّوا حَولَهُ فـ أنْقَذوهْ ..
ذاتَ شِتاءْ .. داهَمَتهُ أزْمَةُ مادِيَّة .. تَرَكوهُ وَحيداً .. فـ ماتْ ..