تخفي نادية، تلك الفتاة الافغانية (21 عاما)، بعينيها ذواتي اللون العسلي، وجهها وراء حجاب اسود ليس لكونها مسلمة فحسب، بل لأنها تعرضت وهي في العاشرة من عمرها لانفجار وقع خلال معارك في افغانستان ادى الى تشويه وجهها الجميل. وسرعان ما بدأت في تقمص شخصية صبي تحت حكم حركة طالبان وذلك لمساعدة عائلتها.
والآن تتواجد نادية في اسبانيا لإجراء جراحة تجميل في الوجه برعاية منظمة انسانية اسبانية. وهي تخشى الانتقام منها، بسبب الخدعة التي قامت بها، اذا عادت الى بلادها وتعرف الناس عليها.
وتقول 'اريد ان اعود الى افغانستان كامرأة'.
ورغم تداعيات المعارك بين الاطراف الافغانية، فقد قضت نادية طفولة هادئة، حسب ما تذكر، فالاب كان موظفا في وزارة الصحة في العاصمة كابول ولم تتعرض العائلة الى كوارث، ولكن في عام 1995 وخلال صراع السلطة الدموي الذي اعقب انسحاب القوات السوفيتية سقطت قذيفة صاروخية على منزل عائلتها، واصيب وجه وذراعا نادية بحروق شديدة.
واضافت الفتاة 'وصلت طالبان الى السلطة خلال عامين قضيتهما بالمستشفى، قتلوا شقيقي الاكبر، واردفت قائلة ان رب الاسرة فقد عقله حزنا على ولده واصيبت امها بمرض في القلب 'لذا كان يجب علي ان اقدم شيئا لوالدي وشقيقاتي الصغيرات'.
انتحلت هوية شقيقها المتوفى
وفي ظل حكم طالبان لم يكن يسمح للنساء بالعمل خارج المنزل. لذا استجمعت نادية شجاعتها وانتحلت هوية شقيقها المتوفى حيث قامت برعي الغنم وجمع المحاصيل واصلاح الدراجات، وكذلك كانت عاملا في مواقع البناء، وحتى لا يفضحها صوتها اقنعت من حولها بأنها صبي ابكم.
ومع نموها البدني كانت تقوم بإخفاء صدرها بارتداء ملابس ضيقة والضغط عليه بإحكام، وقالت 'كنت اعيش في خوف قاتل، في كل مرة كنت اذهب لشراء ملابس كنت اتعرض الى خطورة كبرى ان يكشفني احد'.
واستمرت نادية تعيش منتحلة اسم اخيها بعد اقصاء طالبان من الحكم عام .2001 تقول 'الناس سيشعرون بالغضب اذا اكتشفوا الخدعة الآن'، انهم يعرفونني رجلا وسيشعرون انهم تعرضوا للخديعة.
إعادة تركيب الأذن
وزرع الجلد في الوجه
والجراحة التجميلية تمثل للفتاة الافغانية املها الاخير من اجل حياة طبيعية. وقامت جمعية حقوق الانسان في افغانستان ومقرها برشلونة بدفع تكاليف العملية التي ستجريها الفتاة في مستشفى بمدينة برشلونة.
ويقول رئيس قسم جراحة التجميل بمستشفى خوسيه ماريا سيرا 'انهم سيقومون باعادة تركيب اذن وزرع جلد في مناطق من وجهها وزرع شعر ايضا'. واوضح ان العمليات ستمتد لفترة خمسة اشهر.
فيلم سينمائي
واستوحى المخرج الافغاني صديق بارماك من مأساة نادية الفكرة الاساسية لفيلمه 'اسامة' الذي اخرجه عام .2003 وحصل الفيلم على جائزة خاصة من هيئة التحكيم في مهرجان كان للافلام في العام نفسه بالاضافة الى جائزتين أخريين.
وبفضل مساعدة اسبانيا تدرس نادية الاقتصاد في افغانستان. وقالت لصحيفة ال بيروديكو دي قطالونيا انها ادركت ان حياتها في بلادها كامرأة ستكون اكثر صعوبة، ولا بد لها ان تنتقل الى مكان لا يعرفها فيه احد لتبدأ من جديد.
لكنها رغم ذلك، اعربت عن ثقها في المستقبل. وتقول بدهشة 'مللت العيش كرجل.. عندما تلتئم الجراح في وجههي ستلتئم جراح روحي'.