لاتحزن لا تحـــــــزن... ان وهبتهم عمرك.. ووهبتهم سعادتك.. لووهبتهم طاقاتك.. ووهبتهم وقتك.. ووهبتهم قلبك.. وكامل عقلك.. وبعضك وكلك.. وافتديتهم غاليك.. ومنحتهم كل الاشياء الجميلة في حياتك.. وانكروك.. ورحلو مخلفينك فريسة لذكرياتهم.. لا تحـــــــزن... أن مددت يديك اليهم.. وانتشلتهم من بحور احزانهم... وانتقيت الشوك من على دروبهم.. .. وفتحت عينك لتجد نفسك في نصف الطريق بدونهم.. فيختفون من حياتك.. مخلفين في ظهرك خنجرهم.. تاركينك لليل موحش.. لا تحـــــــزن... ان اكتشفت بأن الزمان لم يعد زمانك.. وأن قلوبهم ماعادت تسعك.. وأنك بعدما افنيت عمرك.. وانتظرتهم وفقدت صبرك.. ورجيت حضورهم بدمعك.. تخلو عنك.. وتحت اقدامهم دهسوك.. وكالأطلال خلفوك.. وقد انتهو منك .. واثبتو بأنك انتهيت.. وانتهت صلاحيتك.. لا تحـــــــزن... أن لم تتمكن من نسيانهم.. مادمت غير قادر على نسيانهم لكن حاول وحاول مرارا وتكرارا.. واكذب على نفسك كل يوم.. وقل انك الاقدر على النسيان.. وانك ما عدت تشعر باليتم بدونهم.. وانك ما عدت تشتاق لهم.. وانك ما عدت تتقصى اخبارهم.. لا تحـــــــزن... ان فارقوك.. والم بك الالم والسقم. فأن الم الفراق لا يدووم.. وقد لا يدوم الا قليلا... أو كثيـــــراً..... وحاول ان توهم نفسك بأنك ولدت من جديد.. واستقبل الحياة بثوب جديد ولون جديد وابتسامة جديدة.. .. لا تحـــــــزن... أن وقفت امام مرآتك.. ولم تستطع تذكر ملامح وجهك ولمحة في عينيك ذلك الكم من جيوش الاحزان والتمست بقايا دموعك على وجنتيك وأطفئت الأنوار في غرفتك وجلست في الركن البعيد كالطائر الصغير وتذكرت ملامحهم وتفاصيلهم معك وضممت رأسك بين يديك وبكيت بكاء الاطفال وأوصيت الظلام ان يستتر لحظات ضعفك بدونهم.. لا تحـــــــزن... لأنك خسرتهم.. ولأنهم رحلو... ولأن الدنيا أظلمت في عينا قلبك من بعدهم... وضاق بك الوجود بدونهم.. فأنت تعلم بأنهم ابـــداً لن يعودو اليك يوما.. لا تحـــــــزن... أن وجدت نفسك في بلاد غريبه.. حامل بين ذراعيك صندوقك الملئ بأحزانك.. وكأنك تريد الفرار من ذاكرتك الى البعيد.. حيث الوجوه الجديده والاعين التي تجهلها ولا تعرفك والطرقات التي لم تشهد تفاصيل احزانك.. فتخذلك ذاكرتك وترسم يداك وجوههم فوق الجدران وفوق الرمال وفوق الجبال فتبكيهم وتخاطب صورهم بسذاجة الاطفال.. لا تحـــــــزن... أن وجدت نفسك في صفحات دفاترهم.. وقلبت الصفحات فيها.. ورأيت حلم رسمته معهم.. وقصر بنيته في حقولهم.. وشممت بين الصفحات عطرهم.. وبقايا الورد الذي اهديتهم.. والتمست على الصفحات دموعهم.. وقرئت بين السطور وعودهم.. وانتهت بك الصفحات الى قرار عنك يبعدهم.. لا تحـــــــزن... ان غادروك وانت في امس الحاجة اليهم.. وعلمت بعد حين بأنهم اختارو سواك.. وتجاهلوك.. وتجاهلو الآمك.. وأحزانك.. ودموعك.. واشتعالك.. وانطفائك.. ومعاناتك.. وضياعك.. ورحيلك.. وغيابك.. لا تحـــــــزن... ان جردتك الدنيا منهم.. واصبحت في حياتهم عابر سبيل.. واصبحت تسكن قشور الذاكرة.. وهم يسكنونك كالدم.. ويعيشون..ويعيشون ولا يشعرون بك.... وأنت ما زلت تحتضر..وتحتضر.. شيع جثمان احلامك.. وامسح دموع قلبك.. وامسح بكفك على جبينك.. وقبل رأسك في المرآة.. وقدم الزهور لنفسك.. ..لا تحـــــــزن... بعد رحيلي.. وقف على قبري وتلو عليه الفاتحه.. وتلو سورة يس والواقعه.. وقف هناك وحدثني.. وحاورني كما عودتني في ميسنجر .. واخبرني باخبارك واخبارهم.. وكيف جرت بك الدنيا من بعدي وبعدهم.. وكيف اصبحت الدنيا بعد غيابي.. وكيف اصبح لون الايام بعد رحيلي.. وكيف حال الاشعار من بعدي.. وكيف باتت خواطري... ولا تبكي.. حين تتذكر تفاصيلي.. ولا تنهار بدموعك حين تتذكر بانني ماعدت بقائمتك الرئيسية.. ما عاد هناك من ينتظرك بشغف.. وينتظرك بخوف.. وينتظرك بحنين.. وينتظرك بشوق.. وينتظرك بألم.. وينتظرك.. وينتظرك.. وينتظرك.. لا تحـــــــزن... أن فتحت جريدة صباحية .. وقرئت اسمي بين السطور.. في الزاوية المرعبة من قائمة الوفيات.. فهو الحقيقة الوحيدة.. والقدر الوحيد الذي لا انكره.. ويقينا منا بأنه آت ذات يوم لامحاله.. فقد اصبح هذا الموت في كل مكان.. واصبح كالشبح يطارنا حتى يدركنا.. فحكاياته المرعبة يا سيدتي ما عادت تخيفني.. وما عدت اجزع منه.. فهو راحتي بعد تلك المسافة الطويلة في هذه الحياة.. بعد كل ذلك الكم من التعب.. والشقاء.. والعناء.. والبكاء.و العتاب والاهانة .