كانت هناك وردة ..
في أرض ملئى بأحجار صمّ .. وقسوة صخر ..
لا يغرّد فيها بلبل .. ولا يرقص طير ..
لا يحيّيها صباح .. ولا نسمة تمرّ ..
عاشت وردة وحيدة .. لعلّ إنسانا يراها ..
يشعر بوجودها .. يلحظ جمالها .. يلمس نعومتها .. يتنسّم عبيرها ..
طال انتظارها .. طال ..
وقلّ أملها .. قلّ ..
تمنّت الوردة أن ترى حولها ورودا .. أزهارا ..
تمنّت من يسقيها .. من يرويها .. من يحييها ..
تمنّت .. وتمنّت .. حتّى يئس منها التّمنّي ..
تمنّت حتّى الذّبول ..
تمنّت حتّى الموت ..
تمنّت .. تمنّت أيّ شيء إلاّ وحدتها .. وخوفها ..
وانتظارها يقتلها ببطء .. ببطء شديد ..
فقدت وردتنا أملها ..
وما كان هناك بقربها سوى حطّاب ..
ذو قلب من حطب .. صلب .. قاس .. قدّ من حطب ..
لا يشعر .. لا يحسّ .. لا يرى ..
لا يرقّ .. ولا يلين .. ولا .. ولا ..
يمرّ بجوارها .. ولا يراها ..
ينظر .. فيشيح بوجهه .. وكأنّ لا حياة هناك ..
تحاول الوردة أن تستميله .. وتستدرّ عطفه .. حنانه .. ودّه ..
تحاول أن تشعره بوجودها ..
فتميل بغصنها مع خطواته ..
ترقص بلونها مع نظراته ..
تغنّي بشذاها مع أنفاسه ..
ولكن دون جدوى .. يوما تلو يوم .. أيّام تلو أيّام ..
دون جدوى ..
فلا قلب الحطّاب لان .. ولا آن الأوان ..
حتّى غرقت في اليأس .. وقتل شذاها البأس .. وبهتت الألوان ..
فدعت اللّه أن تتحوّل إلى حجر .. صلب صوّان .. كما الأحجار حولها ..
دعت .. وابتهلت .. ورجت اللّه ..
رجته فاستجاب لها ..
وتحوّلت إلى حجر .. بلا قلب .. بلا مشاعر .. بلا إحساس ..
لتصبح .. وردة من حجر ..
راق لي