أكد علماء في الشريعة الإسلامية وخبراء واجتماعيون أن بعض الفضائيات تسهم في تفريغ شهر رمضان الكريم من محتواه، وتحيد بالصيام عن حكمته ومقاصده، وطالبوا بهيئة عربية تقود الإنتاج على مدار العام.
وقالوا للجزيرة نت إن ما يعرف "بالإعلام الإسلامي" لم يستطع أن يكون البديل الثقافي والفكري، ووصفوا الكم الكبير من المسلسلات في ماراثون رمضان بأنه "استهتار" بالقيم العليا للشهر الفضيل ونسف لروحانياته.
يُذكر أن هناك 110 مسلسلات، منها خمسون مسلسلا مصريا، تعرض حاليا وفق مصادر إعلامية غير رسمية.
وفي هذا الشأن قال الداعية الإسلامي الدكتور أحمد نوفل إن الإعلام العربي لا يتبنى القضايا العربية، وبالتالي فهو "إعلام سلبي إزاء العرب وقضاياهم ومشاكلهم الحساسة والحيوية، وإلا ما معنى أن يستيقظ الإعلام النائم قبل رمضان كالدببة التي تنام موسم الشتاء كله تحت شعار "سلي الصائم" وكأن الصائم مستثقل وضجر من صيامه".
ويرى أن الإعلام العربي يسهم في تفريغ رمضان من محتواه والصيام من حكمته، وفي سرقة الأوقات الثمينة جدا من الناس، فبدلا من أن يستغلوها في طاعة أو تحسين حال، تهدر في مشاهدة مسلسلات غير هادفة.
كما وصف التحرك الإعلامي في رمضان بأنه "مشبوه وغير مبرر" بحق الذوق والخلق والعقل العربي.
وبالنسبة للفضائيات الإسلامية، يرى الداعية نوفل أن دورها للأسف "تقليدي" وأنها جلها يتكلم عن قضايا مكررة، ولا يستطيع أن تكون البديل الإعلامي.
وأضاف أن الغلبة والتفوق سيظلان لما سماه "الإعلام السلبي الذي تسيطر عليه العقلية الأمنية، وينفذ مخططات الأنظمة بتخدير الشعوب وإلهائها عن قضاياها المصيرية".
الربح السريع
من جهتها قالت الناقدة والأديبة سناء الشعلان إن السيل الجارف من المسلسلات يعكس تكالب الفضائيات والمنتجين على الربح السريع على حساب الجودة ورصانة العمل ورسالته، واستهتارا بالقيم العليا للشهر الكريم ونسف أهم روحانياته وفلسفة العبادة والتواصل الأسري.
وقالت أيضا إن "المشهد الاستنزافي" يعرض الدراما "للابتذال والسقوط والعشوائية" ويحولها من أداة بناء مفترضة إلى "فوضى وجعجعة وصخب" مشيرة إلى أن صورة المرأة يصيبها "تشويش وفوضى، فلا نجدها تقدم بصورتها المأمولة، بل إنها تصور بصورة هزلية ضعيفة أو بعيدة عن قيم مجتمعنا العربي الإسلامي".
من جانبه يرى رئيس قسم الصحافة بجامعة البتراء تيسير أبو عرجة أن المنتجين وأجهزة الإعلام توارثوا بحكم العادة أن الناس يحتاجون في شهر رمضان وقتا للتسلية والتخفيف من جدية الشهر الكريم، كما رسخت في أذهان مروجي المسلسلات أن رمضان مناسب للترويج.
ويرى أن الكثرة تؤدي للتشويش وعدم التركيز والفهم، وتساءل: هل للصائم الوقت الكافي لمشاهدة هذا الكم من الأعمال المتلفزة إذا قام بواجباته الدينية كاملة!! وقال إن الزخم الإعلاني ومداخيله الهائلة يفتحان شهية المنتجين لضخ المسلسلات.
بدوره يرى البروفيسور في علم الاجتماع بالجامعة الأردنية مجدي الدين خمش أن الفضائيات تتنافس في استقطاب المشاهد في سوق اجتماعي للمسلسلات الرمضانية، يتمثل بزيادة نسبة المشاهدة والإعلان وتحسين دخل المحطات الفضائية.
ومن سلبيات هذا التوجه -حسب خمش- أنه يأخذ وقتا طويلا من الأسرة العربية على حساب الزيارات الاجتماعية والتواصل وزيادة المهارات الإنتاجية.
مدمن تلفزيون
وقال إن التنافس غير المسبوق يستثمر المرأة لجذب المشاهدين وعالمها يظل جذابا للرجل الشرقي، مؤكدا أن الإنسان العربي مدمن على التلفزيون.
أما السينارست غازي الذيبة فيرى أن مساحة الوطن العربي لا تستوعب هذا الكم الهائل من المسلسلات في شهر واحد، وأغلب مضامينها يتكرر بين الزواج والطلاق و"الحب".
وقال أيضا إن المطلوب لمعالجة الزحمة الإنتاجية هو تشكيل هيئة مستقلة للإعلام والإنتاج التلفزيوني العربي تلتزم الهيئات الفنية أخلاقيا باستشارتها، مهمتها وضع خطط إنتاجية لما يقرب من خمسمائة فضائية تكون على مدار العام، وليس لرمضان الذي أصبح مجرد "كرنفال تلفزيوني رديء".
ودعا كذلك إلى إنتاج أعمال تظهر فيها المرأة مناضلة وأما تدافع عن أولادها ضد قسوة الواقع "أُما كأمهاتنا" وليس مجموعة صبايا يعرضهن مفاتنهن أو باحثات عن زوج