اصبح عمرها 129 سنة حسب بطاقتها الشخصية فهي من مواليد عام 1880 قرية الشعيرات ( 40 كم شرق حمص) وتعيش في بيت ريفي تكلله البساطة بكل معانيها.
إنها المعمرة وطفة دياب الغانم (أم سليمان) التي توفي زوجها منذ أكثر من نصف قرن وأنجبت سبعة أولاد لم يبق منهم سوى ابنتين واحدة تعيش معها والأخرى متزوجة وأحفادها ثمانية وأولادهم 16.
لا يوجد سر وراء طول عمر (أم سليمان) و إنما "مشيئة الله والقدر" كما تقول، فقد مرت خلال حياتها بأقسى الظروف وفقدانها لأولادها الذين أنجبتهم وخاصة ابنها سليمان في ريعان شبابه إضافة إلى فقدان النظر في عينها اليمنى إثر دخول قشة فيها أثناء مزاولتها للأعمال الزراعية المضنية التي كانت السبيل الوحيد للحصول على لقمة العيش.
اشتغلت وطفة خلال مراحل حياتها المختلفة بأعمال الزراعة والحصاد والقطاف سعيا وراء لقمة العيش وكانت شاهدة على العديد من الأحداث التي مرت بها سورية خلال القرنين الماضي والحالي.
لم يسبق لأحد في عائلة وطفة أن عمر طويلا والأغرب من ذلك عندما سئلت عن صحتها وما تعانيه من أوجاع إذ قالت إنها لم تزر طبيبا ولم تتناول أي أدوية ما خلا المراهم الجلدية وبعض القطرات العينية والأذنية وشعارها دائما "الله هو الشافي والمداوي" وهي لا تعتمد على صنف معين من الغذاء وتأكل كل ما يتاح لها من طعام وتشدها مشاهدة المسلسلات التي تمثل الحياة البسيطة.
تسكن (أم سليمان) حاليا مع ابنتها الستينية وحفيدتها العازبة في بيت ريفي متواضع وسط قرية الشعيرات مصنوع من الطين والحجارة وسقف الغرفة من القصب والقدد الخشبية وما زالت ابنتها وحفيدتها تعملان بالزراعة في مختلف المواسم ولا تمتلك العائلة ملكيات زراعية.
كما عملت العجوز من قبل في أراضي الغير وفي رعي الأغنام للآخرين وتنجيد الصوف وحتى كقابلة في القرية.
وأشار عدد من أهالي القرية الكبار أنهم لا يتذكرون المعمرة وطفة إلا عجوزا ويؤكد الجد محمد بلال من أهالي الشعيرات أنه لا يتذكر وطفة في القرية إلا امرأة قوية.
رسم الزمن على وجه المعمرة وطفة (أم سليمان) دروب الشقاء التي سلكتها في رحلة بحثها عن لقمة العيش خلال مسيرة حياتها الطويلة وجفت العروق في جسدها الضئيل بعد أن كانت منذ ثلاثة أعوام فقط تقوم بكامل نشاطاتها اليومية الحياتية وتجلس أمام منزلها لتتبادل مع أهل القرية الأحاديث المحببة أما الآن فتحتاج إلى من يسندها في مشيتها ويعصب لها غطاء الرأس الذي لم يفارقها منذ أن كانت صبية.