جَرحُها لي نسج نهاية رحلتي معها
بين أحضان ذاك الجبل تتربع غابة كبيرة ترخي بظلالها على مرج صغير يتربع على اعتابها ليعلن انه كان مهد الحكاية
حكاية سطرت كلماتها الايام وتلاعبت بنقاط حروفها الاقدار وقبل النهاية مزقت صفحاتها الآلام
.
لم أكن شاهدة على الحكاية بل كنت بطلتها , حكاية أدمت قلبي قبل أن تُبكي عيناي
إليكم حكايتي :
كانت أُختي قبل أن تكون صديقتي
جعلتها رفيقة دربي, أنيسة ليلي, قاتلة وحشتي, باختصار قد كانت هي حياتي .
كان المرج يتسع لكلتينا , كنا نقضي معظم اوقاتنا معا تحت خيوط الشمس الذهبية وبين ضلوع اشجار الغابة الندية.
تعاهدنا وكان الشاهد هو إخلاصُنا , كتبنا العهد باحرف نقية ودفناه في قلوبنا لتكون مقبرته التي لن تلفظه مهما تبدلت الوجوه والألوان ......
مضت الأيام ....
ولم أضع في حساباتي أن يأتي يوم تختل فيه كل الموازين , زمن لم أستطع دَمجَهُ في عالم أحلامي.
كنا معاً, فرحنا معاً, بكينا معاً ولعبنا معاً. كانت كل شيء لي ويبدو أني لم اكن شيئا لها, حقيقة اكتشفت مرارتها بعد أن أَدمَنْتُ قربها ونَصّبْتُها خليلة لأيامي .
لقد أحببتها ووهبتها حناناً حرمت نفسي من تجرع رشفة منه , رسمت لها أحلامها قبل أن أخط حتى شكل حياتي , مهدت لها طريقاً مزهراً امتنعت عن المرور به لأجلها .
كنت معها في فرحها وترَحِها, كنت أخاف مشاركتها أحزاني لكي لا أُثقل عليها , لم أشأ إلا سعادتها.
كل هذا وهي ماذا ؟؟!! لم أعرفها إلا انسانة تأخذ دون أن تعي أن المعطي يحتاج إلى من يمده لكي يجزل بالعطاء ويغدق بالوفاء .
ولكني أدركت بأنها لا تجيد الأِفصاح عن مشاعرها بالطريقة التي أُحبذها , فتجاهلت الأمر وكان يكفيني أن تكون معي وتتحسس حزني في بعض الأحيان فتحاول التخفيف عني.
لكنَّ هذا كان في الماضي أما الآن فلم أعد الا كزاوية في إحدى غرف حياتها تلجأ إليها عندما تكون في حاجة لمن ينير لها طريقها ويخفف عليها وطأت مشكلاتها , لم تعد تشعر بي وإن كنت مغرقة بالهموم , بل أكثر من ذلك فقد وصل بها الأمر إلى أن تجرحني وترميني بكلمات لم تزنها قبل التفوُّه بها , كلمات تقذفني من محيط مقيت إلى آخر أشد ظلمة وعتمة .
وبدأ مسلسل الانكسار يتغذى على كياني وأخذت النار تندلع في كل مكان بقلبي الجريح , ليعلن لها انه في حل من العهد الذي ظن بأنه سيكون مصدر سعادته فقد غدا مصدرا لشقائه وتعاسته.
وأنا نفسي أصرح لها بما يلي لتعلم انها لم تفهمني ولن تفهمني ما حييت :
(( عزيزتي يا من كنت صديقتي في يوم من الأيام أُعلمك بأني في حل من العهد الذي ربطني بك طيلة حياتي
واعلمي بأنك منذ الآن لست إلا مجرد كتاب أغرتني زركشات غلافه ولم أستطع منع نفسي من تصفحه
فأخذته بلهفة عارمة وأردت أن يكون مصدراً لإلهامي ,
ففتحته وبدأت أقلب صفحاته الواحدة تلو الأخرى.
لا أنكر بأني أطلت التجوال بين سطوره ولكني قد وصلت في هذه اللحظات إلى نهايته وأدركت أن كل ما بأحشائه لا يعنيني
هو مجرد كلام تافه لا يرقى إلى مستوى فكر الإنسانية ,
حقير إلى درجة اني ندمت على وقتي الذي أضعته في تصفحه
وما هي إلا لحظات حتى أمزق ذاك الكتاب
وأُقطّع معه شريط ذكرياتي الذي يضم أصغر أثر لك
ولأمحيك من عالمي وأمسح آثارك من تاريخ حياتي ,
وها أنت تشرفين على جنازة ذكراك التي أشيعها بكل ما بي من أحاسيس ومشاعر كانت أسيرة لعهدك الفاهي والذي لم يعد له معنى بالنسبة لي .
وهاهي نفسها احاسيسي ومشاعري تولد من جديد
لتعلن ثورة على ماضٍ لن يكون له مكان في ذاكرتي .
لا أخفي عليك ...
فقد هجرت كل شيء ألمح فيه طيف ذكراكِ .
حتى ذاك المرج أقسم بأني لن أدوس أعتابه
وتلك الغابة لن تضمني من جديد فهذا محال ,
وذاك الجبل لن أطأ حجرا من حجارته بعد الآن ....
أعلم بأني الآن في القاع
...
ولكن يجب أن تعلمي بأنني لن أبقى هناك طويلاً بل سأصعد من جديد وقدما قدما ,
فأنا ولدت الآن ولي الحق بأن ابني نفسي بعيدا عنك
وبعيدا عن ماضٍ شهد مسلسل انكساري أمام براءة عواطفي .
وحتما لن يكون عالمي الجديد ذاك المرج
بل سأبنيه خلف جبل وبين أحضان غابة يلفها مرج ليس كذاك المرج
وسأضع حوله سوراً واقياً يخفي عنك أي سبيل للوصول إلي
فأنا لم أعد أُطيق سماع اسمك .
قد حانت لحظتي لأسمو بنفسي عن كل مآسي الحزن والحقد التي زرعتها في ثنايا قلبي
ونهاية حديثي هو وعد مني لكِ بأن أجد أناسا مثلي لن أذوق معهم طعم ما عانيته معكِ
و ود اعٌ بلـــــــــــاـــ لقـــــــــــــاء
سيكون بيننا
التوقيع : من كنت يوماً رفيقة دربها .