يلعب الفنان قصي خولي دور البطولة في أربعة مسلسلات تلفزيونية يتوقع لها المتابعون أن تتصدر قائمة عروض الدراما للموسم الرمضاني المقبل 2010، فجميع هذه الأعمال تحمل توقيع مخرجين سوريين كبار، وتصنف إما في خانة المسلسلات الجماهيرية كمسلسلي «باب الحارة» للأخوين الملا، و«أهل الراية 2» لسيف الدين سبيعي، أو الأعمال الملحمية كــ «أبواب الغيم» لحاتم علي، كما يخوض تجربةً جديدة مع المخرجة رشا شربتجي في مسلسل «تخت شرقي».
وحتى فترة قريبة تردد اسم قصي خولي كأحد الأبطال الرئيسيين لمسلسل «ذاكرة الجسد» الذي يخرجه نجدة إسماعيل أنزور عن الرواية الشهيرة التي تحمل نفس الاسم للكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي، إلا أن تصوير العمل بدأ بدون خولي.
ووجود قصي خولي على قائمة الأدوار الرئيسية لكل تلك المسلسلات، يعطي مؤشراً كافياً على نجومية هذا الفنان، والثقة التي يتمتع بها من قبل كل أولئك المخرجين الكبار، والجهات الإنتاجية الضخمة التي تقف وراء أعمالهم، إلا أنه في ذات الوقت يضعه أمام تحدٍ كبير على مستوى التنويع في الأداء، والإقناع بالنسبة للمتلقي، الذي يمكن أن يراه في أكثر من شخصية خلال اليوم الرمضاني الواحد، وعلى أكثر من قناة عربية.
وإلى أن تأتي ساعة الحقيقة التي يتم فيها الاحتكام للمشاهد على إجادة هذا الفنان أو ذاك في أداء شخصية ما، أو نجاح العمل الفني ككل، يبذل قصي خولي جهداً مضاعفاً، يترتب على مشاركته في كل تلك الأعمال، سواء على مستوى الأداء، أو التواجد في أكثر من موقع تصوير خلال فترةٍ زمنية قياسية، والامتثال إلى تعليمات مخرجين لكلٍ منهم مدرسته الفنية والبصرية الخاصة.
«اكتشف سورية» أحال كل تلك التساؤلات إلى الفنان قصي خولي الذي التقيناه في كواليس مسلسل «أبواب الغيم» في 28 من شهر أيار الماضي (2010)، وخلال مواكبتنا لوقائع تصوير المسلسل لمسنا ذلك الجهد الذي يبذله قصي على صعيد الشكل والأداء، في عملٍ تاريخي ناطق باللهجة البدوية، وتمتد أحداثه على مدى سبعين عاماً، وعن ذلك يقول: «أجسد في مسلسل أبواب الغيم خمس شخصيات تمثل الأطوار التي مرّت بها عائلة بأكملها، وذلك لضروراتٍ درامية ارتآها المخرج حاتم علي، والكاتب عدنان العودة، تتعلق بالسمات الشكلية والنفسية التي يمكن أن تشترك بها عدة أجيال تنتمي إلى عائلةٍ واحدة، ضمن إطار زمني يقارب المئة عام»، وأشار إلى الحلول الدرامية الذكية التي ابتكرها المخرج والكاتب، والتي تتيح لهذه الشخصيات التواجد ضمن عملٍ واحد، وبطريقة جميلة، وإلى جانب تحديات الأداء، يعتبر خولي الماكياج شريكاً أساسياً في نجاحه بهذا المسلسل قائلاً: «تمت دراسة الشخصيات والاشتغال عليها بعناية، على صعيد الشكل واللون، استناداً إلى التغييرات التي يمكن أن تطرأ على السلالات بفعل التزاوج والاختلاط بين القبائل وتأثيرات البيئة».
ونوه قصي خولي إلى تميز النص الذي قدّمه الكاتب عدنان عودة، والمستوحى من أفكار وأشعار سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، واعتبر أن أكثر ما شدّه للمشاركة في هذا العمل «قوة النص، وعنايته بأدق التفاصيل، لأن الكاتب ينتمي إلى نفس البيئة التي تدور فيها أحداث المسلسل، ويعرف حاجاتها، خطوطها، مشاكلها، وإيجابيتها»، وتوقع أن يترك «أبواب الغيم» بصمة مميزة في عالم الدراما البدوية، نظراً لضخامة الإنتاج، والرؤية الإخراجية المميزة لحاتم علي، وتمنى أن تشهد الدراما السورية والعربية أعمالاً بهذه السوية خلال الأعوام المقبلة، لتتخطى عتبة المنافسة على المستوى المحلي، انتقالاً إلى فضاءاتٍ أكبر.
وليست هذه المشاركة الأولى لقصي خولي في أعمال تتناول البيئة البدوية، حيث شارك في مسلسل «فنجان الدم» للمخرج الليث حجو خلال الموسم الدرامي 2008، وأهم ما يميز هذين العملين لنفس الكاتب أنهما يقدمان هذه البيئة في إطار تاريخي، وشرطٍ زماني ومكاني محدد، الأمر الذي يعتبره خولي مدخلاً لأداء الأدوار التاريخية التي ابتعد عنها على مدى سنواتٍ طويلة من مسيرته الفنية «لأسبابٍ تتعلق بالشكل»، وذلك بعد تجربته المبكرة مع هذا النوع من الأدوار إثر تخرجه من المعهد العالي للفنون المسرحية، والتي لم يكن راضياً عنها تماماً على حد قوله.
ولدى سؤاله عن سبب غيابه عن مسلسل «ذاكرة الجسد»، وما تداولته الصحافة عن هذا الخبر، أجاب: «هناك من قال أنني اعتذرت عن هذا المسلسل، أو انسحبت، أو تم استبعادي منه، المهم أنني الآن خارج العمل، وأتمنى التوفيق لكل المشاركين فيه، خاصة أنه من بطولة الأستاذ جمال سليمان، وإخراج الرائع نجدة إسماعيل أنزور، وأعدت له السيناريو الكاتبة السورية الكبيرة ريم حنا، عن رواية عظيمة لأحلام مستغانمي، ونجاح هذا العمل يضاف إلى قائمة نجاحات الدراما السورية، وسأنتظر مشاهدته، لأرى هل سأندم على عدم المشاركة فيه أم لا؟».
وفي ختام لقائنا مع قصي خولي عبرّ عن تخوفه من تكرار ظهوره على الشاشات العربية في أكثر من عمل، وخلال موسمٍ رمضاني واحد، واعتبر ذلك ضرباً من الأنانية، خاصة أنه لم يستطع أن يقاوم إغراء الأدوار التي عرضت عليه، إلى جانب كون الفرص التي أتيحت له هذا العام من الصعب أن تتكرر أمام أي فنان في موسمٍ واحد، وأكد أنه يبذل ما بوسعه لتقديم أداء متنوع يحظى بإعجاب الجمهور، وتمنى أن يصل هذا الجهد إلى المشاهدين.
ويلعب قصي خولي في مسلسل «باب الحارة» شخصية أبو دياب، ابن عم النمس، الذي يأتي إلى الحارة ويُفاجأ بوجود مأمون بك الذي يعرفه أبو دياب منذ أيام سجنه مع العكيد أبو شهاب في سجن أرواد!
وفي مسلسل «أهل الراية 2» يتابع دوره في شخصية رضا الحر، الذي يتزوج بقطر الندى ابنة السلطان أبو الحسن، وعندما يصل للحارة فرمان لتجنيد عسكر إلى الحرب العثمانية، يدب الذعر في قلوب الأهالي ويتهرب الكثيرون، ولشحذ همم شبان الحارة المتخلفين يتطوع بالجيش العثماني للدفاع عن الأمة والشام رغم أنه وحيد ولا يشمله الفرمان، إلا أن الحظ العاثر يلاحقه فيقوم بقتل بكباشي ظالم دفاعاً عن جندي مظلوم ويحكم عليه بالإعدام ويُساق إلى سجن الأناضول!
كما يشارك خولي أيضاً في مسلسل «تخت شرقي» الذي تخرجه رشا شربتجي، ولم يحسم بعد قرار مشاركته في الجزء السابع من «بقعة ضوء».
وتعدى نشاط قصي خولي هذا العام المستوى المحلي حيث أمضى وقتاً في هوليوود، ليقدم عدداً من تجارب الأداء، وربما ستقوده إحدى تلك التجارب إلى العالمية، التي لا يمكن أن تتحقق من وجه نظره إلا من خلال المشاركة في السينما الأمريكية، ليحقق بذلك الحلم الذي يراوده منذ الطفولة، ولكل مجتهدٍ نصيب.