سنوات عمرها القصيرة ومستقبلها الذي لا تزال أيامه تناديها لم تمنعها من ارتكاب أبشع جريمة تهتز لها السموات السبع فأقدمت على إزهاق روح جارتها بطعنة غادرة من سكين المطبخ الذي استلته وخرجت به إلى الشارع لتمثل أمام المارة أقصى المشاهد صعوبة وقسوة وتحول الخيال المريض إلى حقيقة تأتي على أثرها الشرطة وتلقي القبض عليها لتودع النيابة متهمة بالقتل العمد تنتظر مصيرها المجهول أمام محكمة الجنايات. وقائع الجريمة تعود إلى بلاغ تلقاه رئيس مباحث بولاق الدكرور بعثور الأهالي في منطقة ناهية على جثة جارتهم كشاف ملاقاة على الأرض غارقة في دمائها بعدما طعنتها جارتها الصغيرة حياة بسكين المطبخ طعنة نافذة في القلب ولم يستطع أحد إنقاذ حياتها حيث لفظت أنفاسها في الحال. وأمام المحققين اعترفت حياة بجريمتها وقالت إن السبب في ارتكابها يرجع إلى سنوات طويلة مضت حيث فقدت والدها وتكفلت والدتها بتربيتها إلا أنها لم تقدر على تحمل العبء بمفردها خاصة بعد دخول شقيقها السجن متهماً بحيازة وتعاطي المخدرات وزواج شقيقاتها الأكبر واستقلال كل منهن بحياتها بعيداً عن حياة والدتهن. نشأت حياة وسط جيرانها في ذلك الحي الشعبي الذي لا تخفى فيه أسرار فكل نفس محسوب على صاحبه فقد كانت حياة مكلفة بمواجهة عار شقيقها المسجون كما أنها تحملت عبء الإنفاق على نفسها حيث رشحتها والدتها للعمل كخادمة في بيوت الأثرياء بحي المهندسين الراقي الذي لا يبعده عن بولاق سوى خط السكك الحديدية. الجارة كشاف التي أنجبت البنين والبنات كانت وأسرتها أكثر احتكاكاً بحياة بحكم تقارب المنزلين إلا أن الغيرة التي تملكت من قلب حياة نتيجة لتفوق بنات كشاف والتحاقهن بالمدارس والجامعات جعلها تضمر شيئاً انتظرت له الوقت المناسب حتى تشفي غليلها من ذلك التفاوت الذي بات يظهر بينها وبين بنات كشاف خاصة وأنهن جميعاً كن يلعبن ويتسامرن حتى وقت قريب أمام المنزل إلا أن الأوضاع الآن لم تعد مناسبة لتلك الصداقة التي فرضتها الجيرة بين هؤلاء اللاتي نلن قسطاً من التعليم جعلهن في مرتبة أرفع كثيرًا مما تحياه حياة أو حتى تأمل به. بدأت حياة في افتعال المشكلات مع جارتها وبناتها إلى أن حانت لها الفرصة الأخيرة في مشاجرة افتعلتها مع الابنة الكبرى مروة وادعت أنها تعايرها بجهلها وفقرها على الرغم من أن الجميع داخل الحي يعيش في مستوى واحد تقريباً وحتى لا تترك الفرصة تذهب من بين يديها استمرت في الشجار وجمعت حولها أهل الحي جميعاً الكل يرغب في تهدئتها إلا أنها أبت واستمرت في طغيانها وذهبت فجأة إلى منزلها لتحضر سكيناً لتحين اللحظة المناسبة وفي الوقت الذي ساد الاعتقاد أنها عادت إلى رشدها وعادت لبيتها لتقصر الشر عادت لترتكب جريمتها البشعة في حق جارتها وتنزل بها عدة طعنات انتقاماً لها من بناتها وسط ذهول الجميع حيث لم تستطع السيدة الوقوف على قدميها من هول الصدمة وقوة الطعنات. الغريب أن حياة الشابة ذات الثامنة عشر التي قتلت سيدة تجاوز عمرها الخمسين عاماً لم تبد أمام المحققين أي ندم على فعلتها مؤكدة في ثبات مزيف أن جارتها إذا عادت للحياة مرة أخرى فسوف يكون مصيرها على يديها بعدما دأبت على معايرتها بأنها خادمة ولا تصلح لأن تكون زوجة مثل بناتها اللاتي يتهافت عليهن العرسان وستظل هكذا مثل البيت الوقف..... فقررت التخلص منها بهذه الطريقة البشعة