المبدع في العنفوان
الصريح في الوجدان
الثائر العاشق
المتمرد على الزمان
محمود درويش
الحزن و الغضب
الصوت في شفتيك ... لا يطرب
و النار في رأتيك ... لا تغلب
و أبو أبيك على حذاء مهاجر يصلب
و شفاهها تعطي سواك و نهدها يحلب
فعلام تغضب
-1-
أمس التقينا في طريق الليل من حان لحان
شفتاك حاملتان
كل أنين غاب السنديان
و رويت لي للمرة الخمسين
حب فلانة و هو ى فلانة
و زجاجة الكونياك
و الخيام و السيف اليماني
عبثاً تخدر جرحك المفتوح
عربدة القناني
عبثاًَ تطوع يا كنار الليل ... جامحة الأماني
الريح في شفتيك تهدم ما بنيت من الأغاني
فعلام لا تغضب
-2-
قالو ابتسم ... لتعيش ... !
فابتسمت عيونك للطريق
و تبرأت عيناك من قلب يرمدّه الحريق
و حلفت لي إني سعيد يا رفيق
و قرأت فلسفة ابتسامات الرقيق
الخمر و الخضراء و الجسد الرشيق
فإذا رأيت دمي بخمرك
كيف تشرب يا رفيق
-3-
القرية الأطلال
و الناطور و الأرض و اليباب
و جذوع زيتوناتكم
أعشاش بوم أو غراب
من هيّأ المحراث هذا العام
من رَبي التراب
يا أنت .. أين أخوك ... أين أبوك .. ؟
إنهما سراب
من أين جئت .. ؟ ... أمن جدار .. ؟
أم هبطت من السحاب .. ؟
أتُرى تصون كرامة الموتى ... ؟
و تطرق في ختام الليل باب ... ؟
و علام لا تغضب ... ؟
-4-
أتحبها
أحبَبَت قبلك
و ارتجفت على جدائلها الظليلة
كانت جميلة
لكنها رقصت على قبري و أيامي القليلة
وتحاصرت و الآخرين بحلبة الرقص الطويلة
و أنا و أنت نعاتب التاريخ
و العلم الذي فقد الرجولة
من نحن ... ؟
دع نزق الشوارع
يرتوي من ذل رايتنا القتيلة
فعلام لا تغضب ...؟
-5-
إنا حمملنا الحزن أعواماً .. و ما طلع الصباح
و الحزن نار تخمد الأيام شهوتنا
و توقظها الرياح
و الريح عندك كيف تلجمها
و مالك من سلاح
إلا لقاء الريح و النيران
في وطن مباح